البحث في الموقع

لقاءات و نشاطات


شبيبتنـا

22/4/2015 "أنا هو لا تخافوا..." متى 27:14 مرجعيتَنا هي الربّ يسوع المسيح
https://youtu.be/zAIzFscyeFs

"أنا هو لا تخافوا..." متى 27:14
تأمّل للأب ميشال عبود الكرملي

22/4/2015

هذه الكلمة قالها الرّبّ يسوع المسيح في مواضع ولقاءات معيّنة ومتعدّدة في حياة التلاميذ، وما ينقصُنا اليوم في حياتنا هي المرجعية، وأنا لديّ مرجعٌ أعود إليه باستمرار في وقت الشدّة، في وقت القرارات حين أخطّط لحياتي، وكذلك في وقت طلب الراحة وفي أوقات التعزية.

"الويل لمن يتّكل على بني البشر" هذا ما قاله الكتاب المقدّس. والكتاب المقدّس لا يُلغي الصداقة والعلاقات الإنسانية ولكنّ يُفهمنا أنّ العلاقات الإنسانية محدودة، إذ ما من إنسان إلاّ وتنتظره نهاية حياة، وما من حالة من دون نهاية، فقط الله هو الأبديّ وهو الأزلي، لذلك، نحن نعتمد عليه ومَن يضع حياتَه بين يديّ الربّ يعرف أنّه يملكُ مصدراً للحياة، مصدراً للعطاء، مصدرًا للحبّ، ومصدراً للغفران والمسامحة، والأهم هو أنّه لديه مصدرٌ كي يعيَ سبب وجوده وحياته.
عندئذٍ نفهم أن مرجعيتَنا هي الربّ يسوع المسيح، فنقول مع القدّيس بولس الرسول الذي اختبرَ هذا الحضور الإلهي، وقال: يا ليتني أستطيع أن ألتقيَ بالمسيح وأتمسّك به، كما هو اختارني وتمسّك بي. وكذلك قال: "أنا لا أحيا بل المسيح يحيا فيّ" وهذا ما يُسمّى العمل بحسب إلهامات الروح القدس وعمل الروح في حياتنا. فعندما يكون روح الله حاضراً فينا، نحن نعمل ونفكّر ونسير وفق مشيئة الله. آمين
ملاحظة: ألقِي هذا التأمّل في اجتماع الشبيبة ودُوّن من قِبلنا بتصرّف. تتمة...
18/2/2015 "الروح مُندفعٌ، أمّا الجسد فهو ضعيفٌ" متى 41:26 يأتي الصوم كي يقوّي الإنسان نفسه
https://youtu.be/VsC4e8K3EKo

تأمّل في مسيرة صومنا
للأب ميشال عبود الكرملي

18/2/2015

"الروح مُندفعٌ، أمّا الجسد فهو ضعيفٌ" متى 41:26، هذه هي كلمة الربّ يسوع لنا. يأتي الصوم كي يقوّي الإنسان نفسه. لأنّ الإنسان هو كائن البعد يسمو أي يرتفع نحو السماء، علينا أن نقول: لا لرغباتنا ولنزواتنا، وليس كلّ ما يرغب فيه جسدُنا ننصاع إليه. لذلك أول وصيّة للربّ في سفر التكوين في ثمرة معرفة الخير والشر:"لا تأكلا"؛ لأنّكم عندما تأكلون تبتعدون عن الله. يأتي زمن الصوم، مسيرةٌ نرافق فيها الربّ يسوع حتى نصِل الى أقدام الصليب. وفيما نحن نتأمّل يسوع على الصّليب، نرى أنّه يعيش الآلام الثلاث: الجسديّة والنفسيّة والروحيّة. فكلّ إنسان يمرّ بهذه الآلام، وفي كلّ مرة أعيش تضحية أو إماتة، عليّ أن أتطلّع الى الصّليب، وأقول: مع آلامك يا يسوع، ومن يعيش آلام المسيح سيعيش أيضاً مجد قيامته.

الله معنا، الله حاضر فينا، هو الذي يُقوّينا. كلّنا ضعفاء، ونكون أقوياء بالمسيح ربّنا. يقول بولس الرسول:
"أنا قويّ بالذي يقوّيني" (فل 13:4).

ملاحظة: ألقِي هذا التأمّل في اجتماع الشبيبة ودُوّن من قِبلنا بتصرف تتمة...
20/1/2015 الإنسان مولود من الله إذا كنّا لا نمتلك السماء في حياتنا، نكون أتعس النّاس
"الإنسان مولود من الله..."
تأمّل للأب ميشال عبود الكرملي

20/1/2015

باسم الآب والابن والرّوح القدس، الإله الواحد، آمين.

يسأل الإنسان نفسه دائمًا في الأزمات، لماذا وُلِدتُ؟ لماذا حصل معي ذلك...؟.
يُقال في الحياة العاديّة والفلسفة أنّ الإنسان وُلِد من تراب، ويعيش مع التراب، ويرجع إلى التراب. ولكن في الحياة المسيحيّة، هذا المفهوم يتغيّر، فالإنسان مولود من الله، ويعيش مع الله، ويرجع لله. وعندما يعرف أنّه يمكن أن يعيش مع الله، ويتكلّم معه، عندها يعرف قيمة دعوته الإنسانيّة. فنحن لا نستطيع أن نتواصلَ مع أحدٍ ليس من مُستوانا الكياني، فالإنسان والحيوان لا يستطيعون أن يفهموا بعضهم. فيمكن للإنسان أن يفهم فكرَ الله، لأنّ الله خلقه، وذلك من خلال الروّح القدس، لأنّه انسكب فيه. نقرأ في بداية سفر التكوين، أنّ الإنسان خُلِقَ من الله، فقد نفخ فيه روحه، لذلك تكون نفس الإنسان خالدة، حيث يعيش مع الله، ويعطي الله معنى لحياته، كما تَمرُّ على الإنسان أوقات، تسمّى أوقات روحيّة، لأنّه يعيش حسب هُدى الرّوح القدس. في يوم من الأيام ستتوقّف دقات قلب الإنسان، وسيفتح عَينَيه للسّماء، وسيعرف أنّ مصيره هناك. نحن إذًا، نعيشُ مع الله، ونعرف أنّنا أبناء الله، فنحن أبناء الرجاء، ولذلك نمتلك السماء.
وإذا كنّا لا نمتلكها في حياتنا، نكون أتعس النّاس، وكما يقول لنا القديس بولس: "إنّ المسيحيّ لا يعيش في عالم الخيال، ولا في عالم المثال، وإنّما يعيش على الأرض وقلبه في السّماء، كي يصِلَ إليها يومًا ما، ويتلاقى بالأشخاص الذين سبقونا". آمين.


ملاحظة: اُلقِيَ هذا التأمّل في لقاء الشبيبة في مركزنا الروحي. تتمة...
29/11/2014 نحن بمسيرة صوب الوطن السماوي يُخبرون عن ابراهيم الخليل حبيب الله
https://youtu.be/P3Y5cjq_vYY

نحن بمسيرة صوب الوطن السماوي...
تأمّل للأب ميشال عبود الكرملي

29/11/2014

يُخبرون عن ابراهيم الخليل- حبيب الله، يقولون أنّه في يومٍ من الأيام، كان جالساً يتأمّل فإذا بملاك الموت متجهٌ نحوه، فقال له: يا ملاكَ الموت من أرسلَك إليّ ؟ فأجابه : الله. فقال له: هل يُريدُ الله أن يموتَ حبيبُه؟ فسأله عندها ملاكُ الموت: وهل المحبوب يرفضُ لقاءَ الحبيب؟ فأجابه ابراهيم الخليل: هاءنذا.

هذا ما نراه بالايمان، الموت أصبح اللقاء المنتظر بين الانسان والله، وهذا اللقاء يبدأ على الأرض بقدر ما يرغبُ الانسان أن يكون مع الربّ؛ فنحن بمسيرة صوب الوطن السماوي، والانسان العائد الى بيته، لايخاف إن كان متسخاً أو خاطئاً لأن أهله سيستقبلونه كيفما كان. بالرغم من خطيتِنا ومن ضعفنا، نحن سائرون صوب الربّ والله سيستقبلُنا في السماء. إذ لم نحيا كملائكة ٍعلى الأرض، إنمّا عشْنا كبشر. وهذا ما دعانا إليه الربّ عندما قال لتلاميذه: " إفرحوا بأنّ أسماءكم مكتوبة في السموات" لو 20:10.
ن أبناءُ الله- أبناء السماء، هذا ما وعدَنا به يسوع، فما علينا إلاّ أن نفتحَ صفحاتِ الانجيل، ونرى خطوطَها التي هي خريطة طريق نحو السماء.

ملاحظة: دوِّنَ التأمّل من قِبلِنا بتصرُّف. تتمة...
21/10/014 لأننا أبناء الرجاء... نحن نتحدثُ عن الموت، في حين أنّنا لم نختبرْه بعد لأننا ما زلْنا على قيد الحياة
https://youtu.be/3FZXTn_R5Fg

تأملٌ بعنوان : "لأننا أبناء الرجاء..."
للأب ميشال عبود الكرملي

21/10/2014

نحن نتحدثُ عن الموت، في حين أنّنا لم نختبرْه بعد لأننا ما زلْنا على قيد الحياة. إلا أننا مرْرنا باختبارِ الموت من خلال أشخاصٍ فارقونا. والتساؤلُ الأول الذي يخطر في بالنا عندما يرحلُ
شخصٌ ما عنَّا، هو عن مكان ذهابه.
كثيراً ما يُطلب منا التصالحُ مع الموت، وهو مفهومٌ خاطئ، فما يجبُ أن نتصالحَ معه حقاً هو قبولُ الموت. وكلُّ علم الفلسفة والمنطق والانتروبولجيا يرى أنه لا يمكن أن يكون الإنسان من تراب و فقط وإلا لما تمكَّن من الوصول إلى هذا التطور الهائل، لذا لا بدَّ أن تكون هناك حياةٌ بعد الموت. ومسيحيَّاً، أُعطيَت لنا معرفةُ هذه الحياة في سفر رؤيا يوحنا، إذ يذكر أنَّها أرضٌ جديدةٌ، وسماءٌ جديدةٌ بلا دموعٍ أو حزنٍ: "يمسح كلَّ دمعةٍ من عيونهم".
والسماء تعلِّمنا كيفيةَ العيش على الأرض، وبهذا نفهمُ ما الذي يدفعنا للتشبُّث بالأرض والتَّهيؤ للسَّماء، والرسولُ بولس يطلب منَّا أن نتَّجه بأنظارنا دوماً نحو السماء حيث يجلسُ المسيح عن يمين الآب. كما يقولُ لنا الكتاب المقدَّس: "افرحوا لأنَّ أسماءكم مكتوبةٌ في السماء" مما يدفعُنا إن دقَّ الموت أبوابنا آخذاً أحد أحبَّائنا أن نُبقي قلوبنا متَّجهةً إلى فوق. وهنا يبرزُ دورُنا نحن كشبيبة "اذكرني في ملكوتك" في أن نتعمَّقَ في هذه الفكرة ونحياها وبالتالي ننقلها إلى غيرنا وإلا تقوقعنا على ذواتنا، لأنَّنا أبناءَ الرجاء والحياة وبالتالي نملكُ خارطة السماء التي هي "الإنجيل".

ملاحظة: أُلقيَ هذا التأمل في الاجتماع الأوَّل لشبيبة "اذكرني في ملكوتك" لعام 2014 – 2015، ودوِّنَ من قِبلِنا بتصرُّف. تتمة...
27/5/2014 الكتاب المقدّس هو الجواب... كثيرةٌ هي الأسئلةُ التي تخطرُ في بالِنا، ونعتقدُ أن لا أجوبة لها
https://youtu.be/EVY0WZDNMCg

الكتاب المقدّس هو الجواب...
تأمّل للأب ميشال عبود الكرملي

27/5/2014

كثيرةٌ هي الأسئلةُ التي تخطرُ في بالِنا، ونعتقدُ أن لا أجوبة لها. من المهّم جدا ًعندما نسأل، وخاصةً في ما يتعلقُ بالأمور الروحية أن نعرفَ أن هناك أجوبةٌ ولكن نحن لم نجدْها بعد. والكتابُ المقدس يُعطينا جواباً وحيداً
اسمه "يسوع المسيح"، وهذا الجوابُ بحسب الرسالة إلى العبرانيين يعني أن الله قد كلّمنا قديما بأنبيائه ورسلِه، واختارَ أن يكلّمَنا في آخر الأمر بابنه يسوع المسيح.
ويرى القدّيس يوحنا الصليبي أن الله قد باتَ أخرسَ بعد تجسّد يسوع المسيح، أي أن كلّ من يطلبُ العجائبَ أو الخوارقَ سَيأتيه الجوابُ من الله: "هذا هُو ابني يسوع"، لذا هناك دعوةٌ لنا لنقرأ في الكتاب المقدّس، حتى لو شعرنا بأنه صعبٌ، وبأننا عاجزون لأسبابٍ عديدة – كعدمِ قدرتنِا على استيعابه مثلا- عن قراءته. لذا يجبُ أن يكون لكلّ منّا الكتاب المقدس خاصته، ليتمكّنَ من قراءته وكتابةِ التعليقاتِ عليه، وتحديدِ كلّ ما لم يُمكننا فهمَه. والبحثُ عن الأجوبة باتَ أسهلٌ مع وجود وسائلِ التواصل الاجتماعي والانترنت حيث تتوافرُ شروحاتُ الكتاب المقدّس. ومن يعتَدْ على قراءة الكتاب المقدّس فلن يجدَ كتاباً آخر يملأُ حياته، وهذا ما شدّدَتْ عليه القدّيسة تريزا الطفل يسوع التي
لم تجدْ كتاباً يروي حياتَها غيرَه.
ملاحظة: اُلقي في لقاء الشبيبة ودُوّن المضمون من قِبلنا بتصرّف تتمة...
19/3/2014 تأمّل روحيّ في رسالة الرسول بولس (2 تيم 2: 3-13) لا يمكنُ أن تَحلَّ كلمةُ الله في قلب الإنسان دون أن تفعلَ فيه
https://youtu.be/IDqtV-CCQCY

ّأبرز ما جاء في التأمّل الروحي
للأب ميشال عبود الكرملي
في رسالةِ الرسول بولس الثانية إلى تلميذه تيموثاوس
الإصحاح الثاني

19/3/2014

عندما نقرأُ في الكتاب المقدَّس مفرداتٍ مثل: "المشقَّات، الاحتمال، الشَّدائد"، يخطرُ في بالِنا أنَّ القداسة هي حبُّ الألمِ. وللأسف، فإنَّ القدِّيسَ في نظرِ الكثير من شبيبتِنا وأطفالنا هو الذي تألَّمَ جدَّاً وذاقَ مُرَّ العذابِ. وهذهِ الفكرةُ تسودُ نتيجةً للأفلامِ التي تروي سِيَرَ حياةِ القدِّيسين، وتختصرُ سنينَ طويلةً منها في ساعتَيْن أو ثلاث مركِّزةً على الألمِ والعذابِ، ومتجاهلةً الأمور الطَّبيعيَّة التي عاشها، من لحظاتِ الفرحِ والغضبِ والخطيئةِ. ولأنَّ الإنسانَ بطبعهِ لا يُحبُّ العنفَ والألمَ، يؤدِّي به هذا الأمرُ إلى رفضِ القداسةِ، فيحيا حياتَه المسيحيَّة بتصنُّعٍ معيَّنٍ.
وعيدُ "جميعِ القدِّيسين" ليس عيداً للقدِّيسينَ المعروفين، بل هو عيدُنا نحن، إذ يرفعُ الكاهنُ الكأسَ في اللِّيتورجيا ويقولُ: "القدساتُ للقدِّيسين" أي لنا نحنُ، لأنَّ كلَّ إنسانٍ يتعاطى معَ اللهِ القدُّوس هو قدِّيسٌ، والرَّسول بولس كان يتوجَّهُ إلى المسيحيِّين في رسائلهِ بعبارة: "إلى الأخوة القدِّيسين". فالقداسةُ إذاً هي التَّعلُّقُ بالقدُّوس أي الله، والله قد شاركَنا في كلِّ شيءٍ، بالولادةِ والألمِ والموت.
كلُّ إنسانٍ على الأرض يعاني من ألمٍ ما، إمَّا ألمٌ نفسيٌّ أو جسديٌّ أو روحيٌّ، والإنسانُ سيعاني ألماً مقابلَ كلِّ مسؤوليَّةٍ يريدُ أن يتحمَّلَها. فعندَ تقدمة يسوع إلى الهيكل لم يغبط سمعانُ الشَّيخ مريمَ لأنَّها ستحيا حياةً سعيدةً هنيئةً لكونها أمُّ الرَّبِّ، بل قال لها: "سينفذُ سيفٌ في قلبِكِ". والإنسانُ لا يستطيعُ أن يرفضَ مسؤوليَّته.

يقولُ الرَّبُّ يسوع: "إنَّ حبَّةَ الحنطة إن لم تقعْ في الأرضِ وتَمُت تبقى واحدةً، وإن ماتَت تأتي بثمرٍ كثيرٍ"، أي إن بقيَ نِصفُها خارج التُّراب لن تعطيَ ثمراً. ومشكلتُنا في الحياةِ هي "الوسطيَّةُ" التي لا تعطي ثماراً، وفي حياتِنا ورسالتِنا المسيحية لا نجدُ ثماراً في بعضِ الأحيان لأنَّنا نأخذُ من الأمورِ ما يعجبُنا، ونرذلُ ما لا يعجبُنا. كما أنَّنا نأخذُ الإيمانَ بالشُّعورِ الذي يأتي من الآخرين وليسَ من اختبارٍ، فإن لم نشعر أثناءَ قيامِنا يالصَّلاة كما كان يشعرُ القديسُ شربل أثناءَ صلاتِه، اعتقدنا أن هناك هوَّةٌ بيننا وبين القداسة.

والأمرُ الأوَّل الذي يجبُ أن نختبرَهُ ونعرفَهُ مسيحيَّاً هو أنَّ الله حاضرٌ فينا، أي أنَّه يقودُنا، والله لا يقودُ أحداً إلى الشَّرِّ. أمَّا الأمر الثَّاني فهو إن قرَّرنا أن نضعَ يدَنا بيدِ الله، فعلَينا أن نعرفَ من هو اللهُ أوَّلاً، وذلك من خلالِ الكتاب المقدَّس الذي يدعونا كمسيحيِّين ألَّا نكونَ وسطيِّين. ولا يمكنُ أن تَحلَّ كلمةُ الله في قلب الإنسان دون أن تفعلَ فيه إمَّا مباشرةً أو بعدَ حينٍ، لذا علينا أن نقرأَ باستمرارٍ في الكتاب المقدَّس حتى لو القليل.
قد نُضطرُّ أحياناً إلى اتِّخاذ قراراتٍ تضرُّ بنا أو بالآخر، وأوَّلُ ما يتوجَّبُ علينا التَّفكيرُ به عندها هو إن كانَ هذا التَّصرُّف يرضي الله أم لا، فإن كانَ يُرضي الله علينا أن نستمرَّ به حتى النِّهاية، أمَّا إن لم يكنْ يرضي الرَّبَّ، فعلينا أن نتريَّثَ، لأن التَّصرُّف قد يرضي رغبتَنا بالانتقام، أو يرضي نظرةَ النَّاس لأنَّنا قد نحيا بحسبها أحياناً، وإن عملنا على إرضاءِ النَّاس كُنَّا جنوداً لهم، ونحنُ علينا أن نكونَ جنوداً لله، كما يقولُ بولس الرَّسول في رسالته إلى تلميذه تيموثاوس: "شارَكْتَني في المشقَّاتِ شأنَ الجنديِّ الصَّالح للمسيح يسوع". وعلينا أن ندركَ أنَّ كلَّ عملٍ سنعملُهُ، أو كلَّ كلمةٍ سنقولُها، أو أيَّ مشروعٍ سنخطِّطُ لهُ، إنَّما نفعلها جميعُها لأجلِ الله، وهذا ما يجب أن ندعو إليه في نشاطاتنا وجماعاتنا حتى إن لم تكنْ لها رسالةٌ محدَّدةٌ، فكلُّ نشاطٍ يرتبطُ بالله فيهِ رسالةٌ، والله هو الأهمُّ روحيَّاً.

وبحسبِ بولس الرسول قد نتعبُ تعباً "شرعيَّاً"، مما يضفي قيمةً لحياتِنا وهذا ما نُسمِّيه مسيحيَّاً بالثِّمار، لذا يستخدمُ بعضُ النَّاس في الصَّوم عبارة "صوم مثمر" بدلاً من عبارة "صوم مبارك"، إشارةً إلى نتيجة الصَّوم، وينطبقُ هذا على كلِّ فعلٍ في حياتنا إذ يقول يسوع: "إن ما يتمجَّدُ به أبي هو أن تُثمروا ثمراً كثيراً وتكونوا تلاميذي".
بالرَّغمِ من أنَّ بعضَ المسيحيِّين قد تألَّموا، وأنَّ يسوع قد ماتَ على الصَّليب، وأنَّ هناكَ الكثيرُ من الشُّهداء وممَّن يبذلونَ ذاتهم، إلَّا أنَّ ديانَتنا ليست ديانة الموت، بل ديانة الحياة. وعندما نقولُ: "يسوعُ قام من بين الأمواتِ" علينا أن نشعرَ بذلك في حياتنا، قد نعيشُه كإيمانٍ ولكن يجب أن نشعرَ بهذا الشعور في لحظاتٍ معيَّنةٍ.
وبالعودةِ إلى العهدِ القديم، نجدُ أنَّ النَّبيَّ إيليَّا يُصَوَّر دائماً وهو مُمسكٌ بالسَّيف والرُّؤوس مقطوعةٌ أسفلَ قدمَيْه. ومعنى اسمُ إيليَّا: الله هو لي، وقصَّته باختصارٍ كالتَّالي:
تزوَّجَ الملك آحاب من الملكة إيزابل الكنعانيَّة ابنة صور، التي نقَلَت معها آلهتَها البعل إلى الملكة الجديدةِ، وبقيَ صنمٌ واحدٌ للبعل أرادَت أن تحتفلَ بوصولهِ مع كهنَتِه احتفالاً كبيراً وضخماً. وأهلُ اسرائيل يعبدونَ الله الإله الواحد ويرفضون السُّجود للآلهة، ولكنَّ دخولهم إلى الاحتفالِ للتَّنعُّم بالموائدِ كان مشروطاً بالسُّجود أمامَ تمثالِ البعل. وكان هناك نبيٌّ يُدعى إيليَّا ومعه 400 نبيٍّ تلميذٍ (تلاميذٌ للأنبياء، والنَّبيُّ هو من يعيشُ كلمةَ اللهِ ويدلُّ النَّاس عليها)، اشترتهم إيزابل بتلبيةِ حاجاتهم الماديَّة دون أن تُضطرَّ إلى مواجهتِهم وإجبارِهم على ترك إلههِم قسراً، أما إيليَّا فقال: "وبقيتُ أنا وحدي".

بعدَها، كان التَّحدِّي الكبير لمعرفة إله من فيهم هو الله، البعل أم إيليَّا. فأتى كلُّ طرفٍ بمذبحٍ وُضِعَت عليه ذبيحةٌ، وكان الاتِّفاق أن تتمَّ الصَّلاة أمام المذبَحَيْن ومن كان إلهه حيَّاً أنزلَ ناراً على المذبح. وبدأ تلاميذُ البعل - الذين كانوا قبلاً تلاميذَ الله – بالصَّلاة والصُّراخ واستجداءِ النَّار من البعل منذ الصَّباحِ وحتى المساء، وإيليَّا يهزأُ بهم ويطلبُ منهم أن يصرخوا بصوتٍ أعلى علَّ البعلَ نائمٌ، ولا نتيجة.
أمَّا إيليا فبنى مذبحاً من 12 حجرٍ، كعددِ أسباطِ اسرائيل، وطلبَ من اللهِ أن يجعلَ الجميعَ يدركُ حقيقةَ أنَّهُ الله الحي بإنزال النَّار، وهذا ما حدث. والنَّار هي علامةُ الحياةِ، لأنَّ جسدَ الإنسانِ يبردُ بموتِهِ، ويبقى ساخناً طالما هو على قيدِ الحياة. وفي الفلسفةِ القديمة كان هناك تفسيرٌ بأنَّ سراجاً يوجدُ في قلبِ الإنسان ويُعطيه الحرارة، وعندما يموتُ يُقال: "نفذَ زيتُه"، وإيليَّا أنزلَ النَّار رمز الحياة: "ليعرفوا أنَّكَ أنتَ الإلهُ الحيُّ". وبعد أن نزلَتِ النَّارُ دعاهُم إيليَّا للاقترابِ، كعلامة أنَّ من لديه الله يجذبُ النَّاس، وهذا منطقُ البشارةِ، إذ على الإنسانِ أن يحيا بالرَّبِّ القائمِ من بين الأموات، ويجذبَ غيرَهُ أيضاً لأنَّ إيمانَه بالقيامةِ لوحدِهِ لا يكفي.
وإيليَّا قد قال أمرَيْن عندما صلَّى، الأوَّل: "حيٌّ هو الرَّبُّ الذي أنا واقف ٌأمامَهُ"، وهذا ما يدعونا إليهِ الرَّبُّ يسوع، أن نُصلِّيَ ولكن ليس كوهمٍ، بل أن نتحدَّثَ مع اللهِ الحيِّ. أمَّا قولُ إيليَّا الثَّاني فكان: "غرتُ غيرةً للرَّبِّ إلهِ الجنود"، أي أنَّهُ لم يتَّخذ موقفاً وسطيَّاً، ولم يقبلْ أن ينتهِكَ أحدٌ سيادةَ الله، ونحنُ علينا أن نكونَ مثلهُ بالرَّغمِ من أنَّ الله ليسَ بحاجةٍ لمن يدافع عنه.
بعدها أخذَ إيليَّا تلامذةَ البعلِ إلى نهرِ كريت الفاصلِ بين أرضِ كنعان (لبنان، صور وصيدا) وأرضِ اسرائيل، وذبَحَهُم. أمَّا في النَّصِّ العبرانيِّ فلم تُستَخدَم كلمةُ "ذبحَهُم"، بل "شَحَطَهُم" على الرَّغمِ من وجودِ كلمةِ "ذبحَهم" باللُّغة العبرانيَّة. والمنطقُ يقولُ أنَّ إنساناً وحيداً لا يتمكَّنُ من قطعِ رأسِ 400 شخصٍ، لذا قد يكونُ إيليَّا قد أرسلَهُم بعيداً إلى المناطقِ التي جاؤوا منها.
أمَّا نحنُ فقد شدَّتْنا إيزابل إلى الوثنيَّة دونَ أن نعرف. فعلى سبيلِ المثال، تحوَّلَ عيدُ البربارة إلى عيدِ الهالوين، الذي لا علاقةَ له بالقدِّيسة. وعيدُ ميلادِ الرَّبِّ يسوع باتَ يفتقدُ إلى كلِّ ما يشيرُ إلى يسوع. فالوثنيَّةُ لن تمنعَنا من الاحتفالِ بعيدِ البربارة، أو عيدِ الميلادِ المجيدِ، إلا أنَّها أجبرَتْنا أن نُعيِّدَ لهما على طريقتها دونَ أن نُدرك. علينا أن ننتبه لئلَّا نتحوَّل تلامذةً للبعلِ بعد أن كُنَّا تلامذةً للهِ.
وبحسبِ الكتابِ المقدَّس فقد أقسَمَت إيزابل بحياتِها أن تأخذَ روحَ إيليَّا، فهربَ إيليَّا ووصلَ إلى مكانٍ ما مُتعباً فقالَ للرَّبِّ: "لستُ خيراً من آبائي، حَسبي أن تأخذَ اليومَ نفسي"، أي أنَّهُ بالرَّغمِ من كلِّ قوَّتِهِ قد تمنَّى الموتَ لنفسِهِ، وأيُّ إنسانٍ قد يمرُّ بلحظاتٍ مشابهةٍ في حياتِهِ عندما يمرُّ في ضيقةٍ ويرفضه الآخرون. ونامَ إيليَّا بعدَهَا، إلَّا أنَّ ملاكَ الرَّبِّ أيقظَهُ وطلبَ إليهِ أن يأكلَ ويشربَ، ووجدَ جرَّةَ ماءٍ ورغيفَ دقيقٍ، إلَّا أنَّهُ عاوَدَ النَّوم فأيقظَهُ الملاكُ مُجدَّداً، فقامَ إيليَّا وشربَ وأكلَ، وسارَ مدَّة 40 يوماً في البريَّةِ بعدَها، وهي المدَّةُ الطَّبيعيَّةُ التي يستطيعُ فيها الإنسانُ أن يحيا مُنقطعاً عن الطَّعام، وقد ذُكِرَت مرَّاتٍ عدَّةً في الكتابِ المقدَّس، حتَّى أنَّ يسوعَ قد "صامَ أربعينَ يوماً وأربعينَ ليلةً حتَّى جاع". وصلَ بعدَها إيليَّا إلى الجبلِ، وأُبلِغَ أنَّ اللهَ سيمرُّ أمامَه. وهبَّت في البدايةِ ريحٌ قويَّةٌ، إلَّا أنَّ الله لم يكنْ فيها. ثمَّ حدثَ زلزالٌ من نارٍ، إلَّا أن الله لم يكنْ في النَّار، ثم مرَّ نسيمٌ عليلٌ، فخبَّأَ إيليَّا وجهَه لأنَّ أحداً لا يستطيعُ أن يرى وجهَ الله ويبقى على قيدِ الحياة بحسب العهد القديم، وكانَ الله في النَّسيم العليل، ليخبِرنا أنَّ الله حاضرٌ في الهدوء.
والإنسانُ بحاجةٍ لأن يعيشَ حضورَ الله، ومن يفعل يكُن علامةً فارقةً لأنَّ لديه سلاماً وحماساً داخلِيَّيْن لا يمنحهُما له إلَّا سرُّ اللهِ، لذا لا يستطيعُ الإنسانُ أن يُعطِيَهما لأحدٍ ولكن يمكنُه أن يدلَّ علَيهما بأن يحياهُما ويكونَ علامةً لهما، كما يقولُ المزمور: "ذوقوا وانظروا ما أطيبَ الرَّبَّ". والرَّسولُ بولس يطلبُ من تلميذِهِ أن يعيشَ ما عاشَهُ إيليَّا في العهدِ القديمِ ويسوعَ في العهد الجديد: "في سبيلهِ أُعاني المشقَّات حتَّى احتملْتُ القيودَ كالمجرم"، فيسوع قد عُومِلَ كمجرمٍ وصُلِبَ بين لِصَّيْن، وما الصَّليبُ إلا حكمُ إعدامٍ، إلَّا أنَّه قد صارَ أداةَ خلاصٍ لنا لأنَّ يسوع قد ماتَ عليه.

ويُتابعُ الرَّسول بولس في رسالته إلى تلميذه: "لذلك اصبرْ على كُلِّ شيءٍ من أجل المختارين"، أي أنَّ النَّاسَ الذين يعملُ معهم لن يحتمِلوه طولَ الوقتِ، وقد يقوموا علَيه، إلَّا أنَّه يجب أن يصبرَ، والقدِّيسة تريز تقول: "بالصَّبر ننالُ كلَّ شيءٍ"، ولكن من أينَ ننالُ الصَّبر؟ الصَّبر يُكتَسَبُ رويداً رويداً.
ونحنُ لا نستطيعُ أن نُغيِّرَ العالمَ، ولكن هذا لا يعني أن نفقدَ حماسَنَا، ففي أماكن معيَّنة علينا أن نبدأَ بتغييرِ ذواتِنا. ويُكمِلُ الرَّسول بولس: وَمَا أَصْدَقَ الْقَوْلَ: «إِنْ كُنَّا قَدْ مُتْنَا مَعَهُ، فَسَوْفَ نَحْيَا أَيْضاً مَعَهُ؛ 12 إِنْ تَحَمَّلْنَا الآلاَمَ، فَسَوْفَ نَمْلِكُ أَيْضاً مَعَهُ؛ إِنْ أَنْكَرْنَاهُ، فَسَوْفَ يُنْكِرُنَا أَيْضاً؛ 13 إِنْ تَخَلَّيْنَا عَنْ أَمَانَتِنَا، فَهُوَ يَبْقَى عَلَى أَمَانَتِهِ، إِذْ لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَتَنَكَّرَ لِذَاتِهِ!"، وهذه العبارةُ مرادفةٌ لقولِ يسوع في الإنجيل: "من أنكَرَني أمامَ النَّاس أُنكرهُ أمامَ أبي الذي في السَّماوات". وهذا هو مفتاحُ الخلاصِ المرتبط بكلِّ واحدٍ مِنَّا، فإنكارُ المسيح لا يحدثُ بسببه بل بخيارِنا نحن، "وإن كُنَّا غير أمناء ظلَّ هو أميناً" إذ لا يُنكِرُ الرَّبُّ نفسَهُ وطبيعته لا تتغيَّر. وفي المزامير والعهد القديم، تمَّ تصويرُ الله وكأنَّه مثلنا، يغضبُ ويفرحُ ويتحرَّك.
ونحنُ في حياتِنا عندما نمرُّ في أزمةٍ، نرى أنَّ صورَ القدِّيسين جميعهم مُتعبِين معنا، وإن كُنَّا مرتاحين نجدهُم مثلنا أيضاً، حتى أنَّ نظرتَنا هذه تتحوَّل إلى اللهِ أيضاً. والمطلوبُ مِنَّا هو تنقيةُ إيماننا من مشاعرنا، فالله لا يتغيَّر.

ملاحظة: دُوِّنَت من قِبَلِنا بتصرُّفٍ. تتمة...
19/2/2014 "رايحين صوب الله" لمَ ولدْتُ؟ لمَ حدثَ هذا لي؟ ولمَ الحياة؟
https://youtu.be/9W3gNYsFFMs

"رايحين صوب الله"
تأمّل للأب ميشال عبود الكرملي

19/2/2014

أوَّل ما يتراودُ إلى ذهن الإنسان عندما تواجهه مشكلةٌ معيَّنةٌ هو الأسئلة التالية: لمَ ولدْتُ؟ لمَ حدثَ هذا لي؟ ولمَ الحياة؟

في الحياةِ الإنسانيَّةِ، وفي الفلسفة والأنثروبولوجيا، يُعرَفُ أنَّ الإنسان قد خُلِقَ من التُّراب، يحيا مع التُّراب ويعودُ إليه. أمَّا في الحياةِ المسيحيَّة فالإنسانُ قد خُلِقَ من الله، يحيا مع الله ويرجعُ إليه. وعندما يُدرِكُ الإنسانُ أنَّ بإمكانه أن يحيا مع الله، ويتكلَّمَ معه يَعرفُ قيمة دعوته الإنسانيَّة، إذ لا يُمكن......... لنا أن يتواصل معَ من هم بغيرِ مستواه، فهو حتى وإن ربَّى حيوانًا، إلا أنهما لا يتفاهمان. أمَّا الله فيفهمُ الإنسان لأنَّه قد خلقه، والإنسان لا يستطيعُ أن يفهمَ الله إلا بالروح القدس الذي انسكبَ فيه. لذا نقرأُ في بدايةِ سفر التَّكوين أنَّ الإنسان عندما خُلِقَ، خُلِقَ مِنَ الله الذي نفخَ فيه روحه، لهذا تكونُ روحُ الإنسان خالدةً، يحيا مع الله، والله يُعطي معنىً لحياتِهِ وعندها يمرُّ الإنسانُ بأوقاتٍ روحيَّةٍ لأنَّه يحيا بحسبِ هُدَى الرُّوح القُدُس. ويفهمُ الإنسان أنَّ قلبَهُ سيتوقف عن الخفقان يوماً ما، وسيفتَحُ عينَيْهِ على السَّماء مُدركاً أنَّ مصيرَه هناك. لذا نحيا هنا مع الله، ونعرفُ أنَّنا أبناؤه، أنَّنا أولاد الرجاء ولنا السماء. وإن لم تكنِ السَّماء
في حياتنا فنحنُ أتعس النَّاس بحسب القديس بولس الرسول. ومسيحيَّاً، علينا ألَّا نحيا في عالمِ الخيالِ، ولا في عالمِ المثالِ، بل نحيا وأقدامنا على الأرض وقلوبنا في السَّماء، حيث سنصلُ يوماً ما ونلتقي بمن سبقونا، آمين.

ملاحظة: دُوِّنَت من قِبَلِنا بتصرُّف تتمة...
28/1/2014 كيف نتصالح مع ذاتنا ومع الآخر؟ علينا أن نحتملَ من ليسَ بإمكانِهِ أن يتغيَّرَ
أبرز ما ورد في حوار الأب ميشال عبود مع الشبيبة
ضمن برنامج التنشئة الشهرية

28/1/2014

ننضجُ إنسانيَّاً بالحياةِ الرُّوحيَّة، إلَّا أنَّ النُّضوجَ الإنسانيَّ يتطلَّبُ معرفةَ الذَّاتِ. وعندما ننضجُ، نتمكَّنُ من تَقبُّلِ كلمةِ الله، وبالتالي نتمكَّنُ من فهمها فتُغيِّرنا. فمفهومُنا بكامِلِهِ مبنيٌّ على أنَّ اللهَ هو خالقُنا، والوصيَّةُ الأولى تقولُ: "أحبِبِ الرَّبَّ إلهَكَ من كلِّ قلبِكَ وعقلِكَ وذهنِكَ" والثَّانية: "أحبِبْ قريبَكَ كحُبِّكَ لنفسِكَ". فعندما نحبُّ أنفُسَنا، نتمكَّنُ من محبَّةِ الآخرين، وعندما لا نحبُّ ذواتنا لن نَمنَح حُبَّاً للآخر لأنَّ فاقدَ الشَّيءِ لا يُعطيه. وإن كُنَّا نحيا في صراعٍ مع قبولِ الآخرينَ لنا، فما هو إلَّا نتيجة لصراعٍ نحياهُ مع قبولِنا نحنُ لأنفسنا.
في الحياةِ الإنسانيَّة، يُقالُ أنَّ لدى الإنسان ثلاث صورٍ عن ذاته. الأولى هي الصُّورة السَّلبيَّة، وهي تنطبعُ فيهِ منذُ الصِّغَر عندما يُقارَنُ الطِّفلُ بغيرهِ باستمرارٍ ويُنهَرُ بقوَّةٍ عندَ ارتكابِهِ أبسطَ الأغلاطِ، ويُحبَطُ، فتَضعُفُ جرأتُهُ وقدرتُهُ على اتِّخاذِ القرارِ خوفاً من سخريةِ الآخرينَ منهُ، وتبقى هذهِ الآثارُ السَّلبيَّةُ مطبوعةً في نفسِهِ عندما يكبرُ.

الصُّورةُ الثَّانيةُ تُعرَفُ بالصُّورةِ الهاليَّةِ، وهي عندما يُحاطُ الطِّفلُ بأشخاصٍ يمدحونَه فقط، ويُثنون على كلِّ تصرُّفٍ يقومُ بهِ، فيبتعد عن كلِّ من ينتقدُهُ، مُتحوِّلاً إلى ما يُشبِهُ الدِّيكتاتور المتقوقعَ على ذاتِهِ والمحاطَ بمن يجاملُه فقط، والذي يقتُلُ كلَّ من يدلُّه على غلطه. وفي هذه الحالة، لا يكونُ لدى الإنسان أصدقاء كُثُر.
أما الصُّورةُ الثَّالثةُ فهي الصُّورةُ الواقعيَّةُ: "هذا أنا، قد أعجبُكَ وقد لا أعجبُكَ، ولكن في الحالتَيْن هذا جُلُّ ما أملك". وتتشكَّلُ هذه الصُّورةُ من اقتناعِ الإنسان أنَّهُ فريدٌ لا أحدَ يشبهُه، لمجرَّدِ أنَّ أحداً لا يملكُ بصمةً كبصمتِهِ، وبمجرَّدِ أن تتكوَّنَ لَدَيه هذه القناعة، يمتنعُ عن الحسدِ والغيرةِ. وهذا قرارٌ يتَّخذُهُ الإنسانُ روحيَّاً، وإن لم يفعلْ فهو يؤذي العلاقةَ بينَه وبينَ الله، لأنَّ اللهَ الخالقَ لا يخلقُ أحداً كالآخر.
وعندما يفهمُ الإنسانُ هذا الأمر لا يعدْ يحسد أو يغار، كما يعملُ حينها هو بنفسهِ على بناءِ حياتِهِ، لأنَّهُ يُدرِكُ أنَّ النَّاسَ قد ساعدوه في أماكنَ معيَّنة إلا أنَّهم قد أذوه في أخرى، وفي الحالتَيْن كانَ هناكَ تخطِّي لطبيعتِهِ الإنسانيَّة. ويجبُ أن يُدركَ الإنسانُ في قرارةِ نفسِهِ أنَّ قيمتَهُ تكمنُ في ذاتِهِ هو، كقطعةِ النُّقودِ التي لا تتغيَّرُ قيمتُها مهما حدثَ لها، وبالتالي سيتوقَّفُ عن العيشِ كما يريدُ النَّاس، بل سيعيشُ كما يناسبُ حياتَهُ هو. وسرُّ الفشلِ في الحياةِ هو محاولةُ إرضاءِ الآخرين، فعندما يعيشُ الإنسانُ حياتَهُ مُحاولاً أن يُرضيَ هذا وذاكَ سيحيا في حزنٍ، لأنَّهُ لا يفعلُ ما يرغبُ به حقيقةً. وقد يتأقلمُ على فعلِ ما يريدُهُ الآخرون، إلَّا أنَّهُ سيصلُ إلى مرحلةِ الثَّورةِ: "سأفعلُ ما أريد". وأحياناً على الإنسانِ أن يتعاملَ مع الآخرين وكأنَّهُم أطفالٌ، فلا يشعرُ بانتقاصٍ من كرامتِهِ إن نفَّذَ ما يريدونَهُ.
ولكي نتمكَّنَ من الحياةِ مع الآخر، علينا أن نُدركَ أمراً هامَّاً جدَّاً وهو أنَّ الآخرَ يختلفُ عنَّا في كلِّ شيءٍ، ولا يتصرَّفُ كما نفكِّرُ نحن، إذ تحدُثُ المشاكلُ بينَ النَّاس نتيجةَ اعتقادِهِم أنَّهم متشابهونَ بالفكرِ. لكن إذا فهِمنا هذا الاختلافَ تمكَّنَّا من تخطِّي الخلافات.
وعندما يُلقِي الآخرُ علينا بالاتِّهاماتِ، علينا أن نسألَهُ أوَّلاً عن السَّببِ الذي دفعَهُ إلى ذلك. فإن كانَ السَّببُ باطلاً، تمكَّنا من تجاوزِهِ، أمَّا إن كانَ الاتِّهامُ واقعيَّاً وناجماً عن صفةٍ غيرِ مُحبَّبَةٍ موجودةٍ فينا، فعلينا أن ننتبِهَ إلى ردَّاتِ فعلِنَا حينَها لأنَّها قد تفضحُنا.
وبعضُ الأشخاصِ يُمكنُ لهم أن يتغيَّروا بمعالجةِ عُقَدِ النَّقصِ لديهم، إلَّا أنَّ البعضَ الآخرَ لا يُمكنُ لهم الشِّفاءَ منها، وعلينا أن نحتملَ من ليسَ بإمكانِهِ أن يتغيَّرَ، وأن نفهمَ أنَّنا ننظرُ إلى الأمورِ بمنظارٍ مُختلفٍ عن منظارِهم
وعندَ حدوثِ خلافٍ ما، علينا أن نراهُ من وجهةِ نظرِ مراقبٍ خارجيٍّ، وبالتَّالي ندركُ حجمَهُ الحقيقيّ فنتعاملُ معهُ تعاملاً صحيحاً متصالحين مع ذواتِنا، بعيداً عن الحقدِ على الآخر وكراهيَّتِه.
وقد يكونُ هناكَ أناسٌ لا يمكنُنا أن نعيشَ معهم، لأنَّ لديهم الكثيرَ من السِّماتِ غير المـــُحبَّبَة، وهؤلاء يجبُ أن نبقيَهُم وأفعالَهم خارجَ نطاقِ تفكيرِنا واهتمامنا. وقد نشعرُ بالضِّيقِ عندما نتعاملُ معهُم، ولكن علينا أن نتخطَّى هذا الضِّيقَ ولا نسمحَ له بالتَّأثيرِ على حياتِنا أو بالسَّيطرةِ على تفكيرنا. ولكنَّ المشكلةَ تتفاقمُ إن أصبحنا نحنُ سببَ ضيقِ الآخرين، والحلُّ هو الصَّلاةُ لأجلِ ضعفاتنا، وطلبُ المساعدةِ من اللهِ ليُعيننا في التَّغلُّبِ عليها. ونحنُ اليومَ ككهنة نُشدِّدُ في مواضيعنا الرُّوحيَّة على أهميَّةِ هذا الأمر؛ الصَّلاة الفرديَّة، فبالرَّغمِ من إقامةِ الصَّلوات الجماعيَّةِ، نشعرُ أنَّ النَّاسَ ما زالوا يُعانونَ من الحزنِ والكآبةِ، ويسوعُ قالَ: "ما جئتُ من أجلِ الأبرارِ، بل من أجلِ الخطأة"، والبابا فرنسيس لا يرى ضرراً في وجودِ خطأةٍ في الكنيسة.
يحيا الإنسانُ في قلقٍ مستمرٍّ، تتخلَّلُهُ لحظاتٌ من الارتياحِ، وقد نَمرُّ في حياتنا بمشاكلَ كبيرةٍ، ونصرخُ ألماً، وهذا حقُّنا، وأحياناً تكونُ صرختُنا قويَّةٌ والمشكلةُ صغيرةٌ، وهنا علينا أن نُسيطرَ على أنفُسِنا ونُدركَ أنَّ الأمرَ لا يستحقُّ، وعندها تدخلُ نعمةُ اللهِ في قلوبِنا وتُغيِّرُنا نحوَ الأفضل. وعلينا أن نلتقيَ بيسوعَ بعيداً عن أعيُنِ البشر، كالمرأة السامرية التي التَقَتْهُ ظُهراً، ونخبرهُ عن كلِّ ما لا نرغبُ بسماعهِ عن ذواتِنا، وكلِّ ما نريدُ أن نخفيهِ عن الآخرين، وهو يساعدُنا. وعندما نخبرُ يسوعَ عن كلِّ هذه الأمور، ونقبلُها تحت نظرِهِ، لا نعدْ نخشى النَّاس، ونهرعُ كما هرعَتِ السَّامريَّة إلى من تخشاهُم وجلبَتْهُم ليتلقَّوا معها نعمةَ المسيح. وهذا الأمرُ يتطلَّبُ الوقتَ، ولكنَّهُ يقودُنا في النِّهايةِ إلى التَّصالحِ مع الذَّاتِ ومع الآخرين، فلا نعدْ نرغبُ بتغييرِهم بل نتأقلمُ معهم. والرَّغبةُ في حلِّ مشاكلِنا مع الآخرين هي الأساسُ، وبدونِها لا يمكنُ أن تُحلَّ المشكلةُ.
ملاحظة: دُوِّنَت من قِبَلِنا بتصرُّفٍ. تتمة...
4/2/2008 لقاء روحي بهدف تعزيز الرجاء بالمسيح القائم
ّلقاء روحي
حول روحانيّة الجماعة وأهدافها

4/2/2008

بهدف تعزيز الرّجاء بالرب يسوع القائم – معطي الحياة، وفي معرض الانفتاح على هذا الموضوع الجريء "حقيقة الموت" مع فئة حساسة وأساسية في مجتمعنا، تداعينا، نحن الشباب لنلتقي برفاقنا في هذه المسيرة، ومشاركينا في هذه الدعوة. تشاركنا الأفكار والإهتمامات بعد أن تعارفنا كل بدوره بطريقة طريفة رمى فيها كلّ من فضوله للتعرف بالآخر.
ثم اطّلع كلّ منّا على عمق روحانية جماعتنا "اذكرني في ملكوتك" ونشاطاتها الروحية ورسائلها "إلى إ خوتي الخمسة " وأعمال الرحمة التي تقوم بها لأجل الراقدين على رجاء القيامة، وذلك بعد أن اختصرت لنا مايا الهبر، هوية الجماعة وتاريخ نشأتها وتركتنا نكتشف الباقي في عرض مصور يفصل كل ما ذكر أعلاه .
أما الخوري جوزف سلوم، المرشد، فقد أضاء على أهمية جماعتنا وجدية التزامنا فيها، ودعانا إلى الإتحاد للتغيير، إذ لنا نحن الشباب طابع مميز ومبدّل، ومحمس تجاه المجتمع بأكمله مما سيحث الآخرين على مناقشة موضوع الموت بانفتاح أكبر ورجاء أعمق بالقيامة التي هي حقيقة ايماننا.
كما زوّدنا الأب ميشال عبود الكرملي، بقصة فحواها تعرّف الرب تعرّفاً حقاً حتى يزول الخوف منه.
وقد تخلّل اللقاء حديث حول مشاريع مستقبليّة تجمعنا نحن الشباب في لقاءات روحية وترفيهية وغيرها، وقبل أن نتودّع تبادلنا نخب اللقاء الأول الذي صادف اليوم الأول من زمن الصوم المبارك في جو من البهجة والفرح.
ملاحظة: دوّن اللقاء بتصرّف. تتمة...