البحث في الموقع

لقاءات و نشاطات


انطلاقات وقداديس

"من اكل جسدي وشرب دمي له الحياة الأبدية"
(متى 25 : 40)
7/4/2019 كنيسة السيّدة الكبرى - بيت شباب "طلب الشفاء الروحي قبل الشفاء الحسدي"
https://www.youtube.com/watch?v=_9L8hM-x2L0

عظة الخوري سمير شبلي
في انطلاقة جماعة "أذكرني في ملكوتك"
بالقدّاس الإلهيّ من أجل الراقدين على رجاء القيامة
في كنيسة السيّدة الكبرى - بيت شباب

7/4/2019

باسم الآب والابن والرّوح القدس، الإله الواحد، آمين.

في الأحد الأخير من زمن الصّوم، قَبْل أحد الشَّعانين، وبداية أسبوع الآلام، نسترجِع سريعًا الآحاد الماضية، فَنَجِد أنّ كلّ الآيات والشِّفاءات الّتي تمّت في هذا الزّمن، كانت تُشدِّد على الرَّحمة وغفران الخطايا، أكثر من الشِّفاء الجسديّ: فالمرضى كانوا يطلبون من الربّ الشِّفاء من خطاياهم قبل شِفائهم الجسديّ. إنَّ نصّ الابن الشّاطر أظهر رحمة الله للبشر من خلال مسامحة الأب لابنه الخاطئ بعد عودته. وهذه الشِّفاءات من الربّ كانت تتمّ تلبية لطلب المريض نفسه كما حدثَ مع الأعمى على سبيل الـمِثال، أو تلبية لطلب الجماعة، كما حَدَثَ مع الـمُخلَّع. وهنا تَظهر أهميّة الجماعة، أي الكنيسة والجماعات الروحيّة وأبناء الرعيّة، في الطّلب من الربّ نعمة الشِّفاء لأحدهم، لأنّه حين تتَّحِد الجماعة في الصّلاة من أجل الحصول على شيءٍ معيَّن، فإنّه لا بُدَّ للربّ من أن يستجيب لها.

يخُبرنا إنجيل اليوم قصّة أعمى أريحا، "برطيما - ابن طيما"، (مر 10: 46- 52)، الّذي كان شحاذًا على قارعة الطريق. لم يكن هذا الأعمى شحاذَ مالٍ أو طعامٍ، بل كان يشحذ الرَّحمة من الربّ، إذ صَرخَ له قائلاً: "يا ابن داود ارحمني". على الرُّغم من مَرَضِه، طلب هذا الأعمى الرَّحمة أوّلاً من الربّ قبل الشِّفاء الجسديّ بإعادة البَصَر إليه. ولكنْ عندما سأله الربّ: "ماذا تريد أن أصنع لك؟"، كان جواب الأعمى "أن أُبصِر"، لا "أن أرى"، والفرق شاسِعٌ بين البَصر والرؤية. إنَّ عبارة "أن أُبصِر"، تشير إلى رغبة هذا الأعمى في رؤية مجد الله، مجد يسوع المسيح على الأرض. إنَّ الإنسان الّذي لا يملك البصيرة يكون عاجزًا عن رؤية أعمال الله في حياته. إنَّ الإنسان يستطيع أن يُدرِك أنَّ الله محبّة عندما يرى كيف يحبُّ النّاس بعضهم البعض، ويلمس أنّ الله رحمة وغفران حين يرى النّاس يغفرون لبعضهم البعض الإساءات. إذًا، علينا أن نطلب من الله الرَّحمة في كلّ حين، للأحياء كما للأموات.




حين أصلِّي للأموات، فإنّي لا أطلب الرَّحمة لهم فقط من الربّ، إنّما أطلب الرَّحمة لي أنا أيضًا في الوقت نفسه. إنَّ البشر ينالون الرَّحمة من الربّ في سرّ التوبة، أي حين يُقرِّون بخطاياهم أمام الكاهن في كرسيّ الاعتراف، فنحن جميعًا خطأة، وشحاذون لرحمة الربّ. لذا إخوتي، علينا أن ننهي مسيرة الصّوم هذه، بشحذ الرَّحمة من الربّ، من خلال سرّ التوبة، فتتجدَّد حياتُنا، فنُكمل مسيرتَنا في هذه الأرض، أبناءً لله، حتّى بعد انتهاء مسيرة الصّوم. هذا هو هدف الصّوم: أن نتجدَّد روحيًّا، وأن نطلب الرَّحمة من الربّ ونحصل عليها من خلال سرّ التوبة. عندما نُخطأ إلى أحدهم عن غير قصدٍ، فإنّنا نتلَهَّف إلى سماع عبارة "أنا سامَحتك" من الّذي أخطأنا في حقِّه، فَكَمْ بالحَريّ عندما نسمعها من الربّ يسوع في كرسيّ الاعتراف؟!

لذا إخوتي، فلنسعَ في أسبوع الشَّعانين هذا، وفي أسبوع الآلام، أن نتقدَّم بإيمان وجرأة، من كرسيّ الاعتراف، للإقرار بخطايانا، فنكون مستعدِّين للِقاء الربّ الأخير حين يحين الوقت، فنردِّد على مِثال لصّ اليمين:"أذكرنا يا ربّ في ملكوتك". إنّ الربّ لم يتردَّد في القول للِصّ اليمين، "اليوم تكون معي في الفردوس"، على الرُّغم من خطاياه الكثيرة الّتي اقترفها في حياته الأرضيّة. فلنطلب منه الرَّحمة قائلِين له:"أذكرنا يا ربّ متى أتيت في ملكوتك"، له المجد من الآن وإلى الأبد. آمين.

ملاحظة: دُوِّنت العظة مِن قِبَلِنا بتصرُّف. تتمة...
6/4/2019 كاتدرائيّة النبي ايلياس الإنطاكيّة الأرثوذكسيّة - أوتاوا فليكن ذكرهم مؤبدًا
https://www.youtube.com/watch?v=Qo8ggxs_8bc&t=173s

عظة الأب غطاس الحجل
المتقدِّم في الكهنة
في القدّاس الإلهيّ من أجل الراقدين على رجاء القيامة
لجماعة "أذكرني في ملكوتك"
في كاتدرائية النبيّ ايلياس الأنطاكية الارثوذكسيّة – أوتاوا، كندا

6/4/2019

باسم الآب والابن والرّوح القدس، الإله الواحد، آمين.

نقدِّم هذه الذبيحة الإلهيّة من أجل راحة أنفس جميع الموتى المؤمِنِين الّذين دوّنتم أسماءَهم عند باب الكنيسة.

إنّ جماعة "أُذكرني في ملكوتك"، هي حركةٌ مسيحيّة رسوليّة. انطلقت في مسيرتها الروحيّة من لبنان، سنة 2006، وقد حصلَت على البركة الكنسيّة من جميع الرؤوساء الكنسيِّين في لبنان، ومِن بَيْنِهم المطران جورج، أسقف جبل لبنان، كما شجَّعنا أسقفنا المحليّ على البدء في هذا النَّشاط الروحيّ، في كلّ الكنائس التّابعة للأبرشيّة، من خلال الاحتفال إمّا بالذبيحة الإلهيّة أو بصلاة الغروب، مرَّةً في كلّ شهر. إنّ هذه الجماعة الكنسيّة منتشرة في ستٍّ وثمانين رَعيّةً في العالم، إلى الآن. لقد انطلقت هذه الجماعة من لبنان، وتوسَّعت في الانتشار حتّى ضمّت عدَّة رعايا في عدَّة بلدان في العالم منها كندا والولايات المتحِّدة الأميركيّة. ونحن اليوم، نشكر الأخوات اللّواتي أتَيْنَ إلينا من مونتريال، لمشارَكتنا الصّلاة من أجل راحة أنفُس موتانا، وقد أحضَرنْ معهنَّ أيقونة القيامة وشعار الجماعة إضافةً إلى القربان الّذي سيُوَزَّع عند مدخل الكنيسة في نهاية الصّلاة. إنَّ هذه الجماعة تصلِّي من أجل نفوس الموتى رحمةً ومحبّةً بإخوتِنا الّذين انتقلوا من هذا العالم، وسنلتقي بهم عند انتقالنا نحن أيضًا من هذا العالم. إنّنا نذكُر أمواتنا ونسأل الله من أجلهم أن يذكُرهم في ملكوته، على مِثال لصّ اليمين الّذي طلب من الربّ أن يذكُره في ملكوته، فكان جواب الربِّ له: "اليوم تكون معي في الفِردوس"(لو 23: 43). إنّنا جميعنا خطأة على مِثال هذا اللِّص ونحن بحاجة لرحمة الربّ، لذا نسأله على الدَّوام أن يذكُرنا في ملكوته، فنحن نؤمن بكلامه: "أنا هو القيامة والحياة. من آمن بي، يَحيا وإن مات "(يو 11: 25). وتسعى هذه الجماعة إلى التعمُق في الكتاب المقدَّس، وكما تسعى أيضًا إلى مؤاساة الحزانى. كذلك تعمل هذه الجماعة على زرع رسالة الصّلاة من أجل نفوس الرَّاقدين في الأطفال والشّبيبة.

في الختام، أودُّ أن أشُكر كلّ المسؤولِين في هذه الجماعة، على إنشائهم هذه الحركة الروحيّة، في كافة الكنائس، الأرثوذكسيّة والكاثوليكيّة. وسنتابع الصّلاة من أجل نفوس إخوتِنا الرّاقِدين في هذه الرعيّة، في السّبت الأوّل من كلّ شهر، وسنتقاسم القربان من أجل راحة أنفس موتانا. المسيح قام!

ملاحظة: دُوِّنت العظة مِن قِبَلِنا بتصرُّف. تتمة...
5/4/2019 كنيسة مار روكز - ريفون، كسروان وذكرهم يدوم إلى جيلٍ فجيل
انطلاقة جماعة "أذكرني في ملكوتك" بالقدّاس الإلهي من أجل الراقدين على رجاء القيامة. احتفل به الخوري الفاضل عبدو مبارك. وتتابع القداديس في يوم الجمعة الأوّل من كلّ شهر.
1/3/2019 كنيسة سيّدة أمّ النّعم - فيينا، النمسا المسيح قام، حقًا قام!
24/2/2019 كنيسة مار جرجس - غوايا، القبيات أحد الموتى المؤمنين
https://www.youtube.com/watch?v=NHo4SoT1SZE

عِظة في إنجيل"لعازر والغني"(لو 16: 19-31)
للخوري لويس سعد
في القداس الإلهيّ "أحد الموتى المؤمنِين"
وفي انطلاقة جماعة "أذكرني في ملكوتك"
كنيسة مار جرجس- غوايا، القبيات

24/2/2019

باسم الآب والابن والروح القدس، الإله الواحد، آمين.

تَذكارٌ مُبارَكٌ للجميع،

إخوتي، كلمةٌ واحدةٌ أجاب بها إبراهيم الغنيّ، حين ناداه: "تَذَكَّر"؛ والكلمة الأخيرة الّـتي تلفَّظ بها الإنسان الأقرب إلى يسوع على الصّليب، قبل الموت والقيامة، أي لصّ اليمين، كانت: "أُذكرني يا ربّ، مَتى أَتَيتَ في ملكوتِك" (لو 42:23). لم يَتَذكَّر الغنيّ معاملَته للعازر الفقير الّذي كان مطروحًا على باب بيته، ولكنَّه تَذكَّر إخوته ومسيرتهم في هذه الأرض. وبالتّالي، حين يكون الإنسانُ غريبًا وبعيدًا عن كلمة الله، لا يمكنه أنْ يَتذكّر أحبّائه، لا الأحياء في هذه الأرض، ولا المنتقِلِين من بيننا إلى السَّماء؛ أمّا حين يكون الإنسان قريبًا من كلمة الله، فإنّه يشعر بارتِباطِه بإخوته الأحياء في هذه الأرض الفانية، وكذلك إخوتهم المنتقِلِين من بيننا. إذًا، الإنسان هو الّذي يُقرِّر ما إذا كان يريد أن يكون في ارتباطٍ مع أحبّائه وتَذَكُّرِهم، أو قَطع كلّ علاقةٍ معهم ونسيانِهم.

يُخبرنا هذا النَّص الإنجيليّ أنَّ الربّ يكلِّمنا، أوّلاً بموسى، أي من خلال الشريعة، وثانيًا من خلال الأنبياء أي من خلال الّذين يُعلنِون كلمة الله لنا. في الذبيحة الإلهيّة، يتجلّى لنا ملكوت الله المنظور وغير المنظور، غير أنّ ملكوت الله هو منظورٌ على الدَّوام مِن قِبل المؤمِنِين به، إمّا بِعَين الجسد، فنرى إخوتنا في هذه الأرض؛ وإمّا بِعَين الإيمان، فنَذكُر أمواتنا ونصلِّي لهم. قبل موت المسيح وقيامته، كُنَّا نراه في الجسد، أمّا بعد صعوده إلى السّماء، فلم نَعُد قادِرين على رؤيته إلّا من خلال عيون الإيمان. في الذبيحة الإلهيّة، نحن نَذكُر أمواتنا الّذين انتقلوا من هذا العالم، وهم يتشفَّعون لنا. إنَّ انقطاعَنا عن ذِكر المنتقِلِين مِن بيننا، على الرُّغم من شفاعتِهم لنا، يساهم في بقاء هُوَّة كبيرة بيننا وبينهم، تلك الـهُوَّة الّتـي تكلَّم عنها إبراهيم في إنجيل اليوم، وهذا ما يمنعنا مِن التحوُّل إلى طبيعتهم السّماويّة، وهذا ما يقوله أحد الآباء: إنّ القداسة تتطلَّب تحوُّلاً في المؤمِنين ليُحوِّلهم الربّ إلى جسده ودَمه المقدَّسَين، قربانًا مقبولاً للربّ. إنَّ الّذي لا يُحبّ إخوته في هذه الأرض، لن يتمكَّن من عيش الحبّ في الملكوت، وبالتّالي ستثبت الهوَّة بينه وبينهم. هذا ما حدث مع الغنيّ في الإنجيل، إذ وَجَد نفسه غير قادر على اجتياز الهوَّة، حتّى ولو أراد إبراهيم مساعدته في ذلك، لأنّ مَن لم يختبر الحبّ في هذه الأرض، لا يمكنه اختباره في الحياة الثانية.

إذًا، على المؤمِن الّذي يريد إلغاء هذه الهوَّة بينه وبين أحبّائه، أن يسعى إلى تَذَكُّر جميع أحبّائه الأرضِيِّن: فإنْ كان بينه وبينهم من خصوماتٍ، فليسعَ إلى حلِّها، وليسعَ إلى ذِكرهم في الذبيحة الإلهيّة أمام الربّ.كما على المؤمِن أن يتذكَّر أحبّاءه المنتقِلين من بيننا، الّذين كان لهم فضلٌ عليه في هذه الحياة، وفي إيمانه بالله، فعلَّموه وخَدَموه ودَفَعوه إلى التعلُّق بأرضِه وقَريَته. للربّ المجد في كلّ واحدٍ وواحدةٍ منّا، وفي جماعة "أذكرني في ملكوتك"، الحاضرة معنا اليوم، فنَذكُر أحبّاءنا الأحياء والأموات، طالِبِين من الربّ أن يذَكرنا في ملكوته حين ننتقل من هذا العالم. آمين.

ملاحظة: دوِّنت العظة مِن قِبَلِنا بتصرّف. تتمة...
2/12/2018 كنيسة القدّيسَين بطرس وبولس للروم الكاثوليك - أوتاوا المسيح قام، حقًا قام!
https://www.youtube.com/watch?v=ENhGwSuDQHo

انطلاقة جماعة "أذكرني في ملكوتك" بالقدّاس الإلهي من أجل الراقدين على رجاء القيامة. احتفل به الأب الفاضل سمير سركيس. وتتابع القداديس في الأربعاء الثاني من كلّ شهر.
25/11/2018 القدّاس الاحتفالي لافتتاح مركزنا الحالي - زوق مكايل الموت عن الفكر البشري
https://youtu.be/4k21GE-OxDc

عظة المونسنيور رافايل طرابلسي
في القدّاس الإلهي من أجل الراقدين على رجاء القيامة
الذكرى التَّاسعة لافتتاح
المقرّ الحالي لجماعة "أذكرني في ملكوتك"
زوق مكايل

25/11/2018

باسم الآب والابن والروح القدس، الإله الواحد، آمين.

قُدس الأباتي الكُلِّي الاحترام،
أبويَّ الجليلَيْن،
أحبَّائي،
إخوتي وأخواتي،
تُسَيطر العَولمة على عالمنا اليوم، وخاصّة على المستويات الاقتصاديّة والماليّة والتِّجاريّة، وما تَصَرُّف الدُّوَل الغنيّة مع الدُّوَل الفقيرة إلّا دليل على ذلك: فالدُّوَل الغنيّة، ذات رؤوس الأموال، تُمارس امبرياليّة اقتصاديّة على الدُّوَل الفقيرة، للاستفادة مِن هذه الأخيرة اقتصاديًّا، بما يخدم مصالح الدُّوَل الكبرى. لا تطال العولمة فقط هذه المستويات الثلاثة في حياتنا اليوميّة، بل تطال أيضًا أعماق الإنسان إذ تسعى إلى زرع أفكارٍ ومبادئ وقِيَمٍ، تُشكِّل مُنطَلَقًا لِتَعامُل الإنسان مع أخيه الإنسان. للعولمة إيجابيّات وَسَلبيّات: فالعولمة قد جعلت العالم كلَّه مدينةً كونيّةً صغيرة، ومنَحت النَّاس بذلك سهولةً للتواصل فيما بينهم، إذ أصبح بإمكان البشر أن يتشاركوا الأفراح والأحزان، وأن يكونوا على درايةٍ بكلّ تطوّرٍ يحدث في العالم على كافة الأصعدة. إنّ العولمة سهَّلَت أيضًا حياة البشر من خلال إعطائهم إمكانيّة للتبادل التجاريّ والحصول على كلّ ما يحتاجونه من السِّلَع. أمّا خطر العولمة الأكبر، فيَكمن في زرعها فِكرًا مُضّادًا لفِكر المسيح في النّفوس: فكما أنَّ الأَبْنِيَة تُهدَم عندما تتسرّب إليها المياه، كذلك تُهلَكُ النُّفوس أيضًا عندما تتسرّب إليها أفكار العالم.
إنّ العَولمة قد قدّمَت لمجتمعاتنا مفاهيم جديدة لم تكن مقبولةً في السّابق، إذ جعلَت على سبيل الـمِثال كلَّ مُنشِدٍ لأغنيةٍ مُطربًا، دون أخذ جمال صوته بالاعتبار، أي أنّها شوَّهت مفهوم الغناء الصَّحيح، ودفعَت البعض إلى الاعتقاد أنّ هذا المفهوم الجديد هو المفهوم الصَّحيح. كذلك، شوَّهت العَولمة مفهوم المظهر الحسن للإنسان، إذ قدَّمت له ثيابًا ممزّقة، ودفعته إلى اعتمادها كمِثال للمظهر الأنيق، في حين أنّ الإنسان كان يرمي في الماضي، ثيابَه الممزّقة لأنّها لم تَعُد صالحة. إنّ خطيئة الإنسان الأساسيّة هي التَكبُّر والأنانيّة، إذ إنّها تُخرِجُه من إطار صداقته مع الله، وبالتّالي تُدخِله في دائرة الموت. إنّ الخطيئة تؤدّي إلى موت الإنسان لأنّها تدفعه إلى التفكير بطريقة مغايرة لطريقة تفكير الله، وهذا ما يخلق فيه الحزن على الرّغم من تَوَفُّر كلّ وسائل الفَرح بين يديه. إنّ الخطيئة الأصليّة الّتي ارتكبها آدم، هي خطيئةٌ ناتجةٌ عن تفكيرٍ خاطئ مِن قِبَل الإنسان، بدليل أنّ آدم اكتشف عند مخالفتِه لأوامر الله أنّه عُريانُ، أي أنّ تفكيرَه أصبح مخالفًا لطريقة تفكير الله.

إنّ بولس الرّسول قال لنا في الرِّسالة الّتي تُلِيَت على مسامِعنا اليوم: "ليكن فيكم مِن الأفكار والأخلاق ما في المسيح يسوع"(في2: 5). في هذه الآية الكتابيّة، أراد بولس الرّسول التشديد على الأفكار أكثر مِن تشديده على الأخلاق، بدليل أنّه ذَكرها أوّلاً. إنّ المسيحيّة لَيْسَت مجموعة من الأخلاق الحميدة الّتي على المؤمِن ممارستها، لأنّه لو كانت كذلك، ما الّذي يميِّز المسيحيّة عن سواها من الأديان، خاصّة أنّ جميع الأديان تدعو أَتْباعها إلى فِعل الخير وتجنُّب الشِّر؟ بعبارةٍ أخرى، ما هو الجديد الّذي أتى به يسوع المسيح؟ إنّ الجديد الّذي أتى به المسيح، هو أنّه دعا البشر إلى اعتماد فِكر الله، أي التفكير بالطريقة الّتي كانوا يفكِّرون بها قبل سقوطهم في الخطيئة الأصليّة. حين سأل الشّابُ الغنيُّ يسوعَ المسيح، عن الطريقة الّتي عليه اعتمادها للوصول إلى الملكوت، أجابه الربُّ أنّه عليه التخلّي عن كلِّ ما يملك وإعطائه للفقراء. بهذا الكلام، أراد الربُّ يسوع حثَّ هذا الشّاب الغنيّ على التخلّي عن الممتلكات الأرضيّة، تعبيرًا عن تَخلِّيه عن فِكره القديم، واستعدادِه للقبول بفِكر الله، نهجًا لحياته. إنّ ما طَلَبه الربُّ يسوع من الشَّاب الغنيّ كان بالنسبة إلى هذا الأخير صعبَ التّحقيق، لذا ذهب هذا الشّاب حزينًا. جاء نيقوديموس إلى يسوع، ليلاً، ليسأله عن كيفيّة الحصول على الميراث الأبديّ، فكان جواب الربِّ له إنّه عليه الولادة من جديد، أي التخلّي عن فِكره القديم، واعتماد فِكر الله أسلوبًا لحياته كي يتمكّن من الوصول إلى الملكوت السماويّ. إنّ مَرْتا جاءت تشتكي إلى يسوع عن أختها مريم، فأجابها الربّ إنّ مريم تُصغي إلى كلمة الله، الّتي ستُعطيها فِكرًا جديدًا، فِكرًا سماويًّا هو فِكر الله، بدلاً من الفِكر القديم. إنّ المؤمِن الّذي لم يسمع بكلمة الله، لا يمكنه أن يعمل بها، أو أن ينال فِكر الله.

إنّ شعار جماعة "أذكرني في ملكوتك"، هذه المؤسَّسة الّتي نتواجد فيها اليوم، هو الحياة لا الموت؛ لذلك هي تسعى إلى إبعاد الموت الروحيّ لا الموت الجسديّ، عن المؤمِنِين. إنّ فِكر العالم هو الّذي يؤدِّي إلى موت الإنسان روحيًّا، لذلك علينا أن ننشر فِكر الله في عالمنا اليوم. إنّ الرَّجل الّذي تكلّم عنه إنجيل اليوم، يُشبه كلّ واحدٍ منّا: فهذا الرَّجل كان يعيش في القبور، ونحن اليوم نعيش في عالمٍ لا يمنحنا إلّا الموت. إنّ هذا الرَّجل الّذي تكلَّم عنه الإنجيل، هو إنسانٌ يسكن في القبور، أي أنّه يعيش كالأموات، لا كالأحياء. في عَيشِه بين القبور، فَقَدَ هذا الرَّجل هويّته، إذ عندما سأله الربُّ عن اسمه، أجابه أنَّ اسمه هو جيش أو فِرقَةٌ، أي أنَّ فِكر العالم الّذي يؤدِّي إلى هلاك الإنسان هو الّذي يسيطر على هذا الرَّجل، وهو الّذي يتكلَّم فيه. إنّ هذا الرَّجل يعيش في صراعٍ داخليّ بين الخير الّذي يريده ولكنّه لا يقوم به، وبين الشَّر الّذي لا يريده ولكن إيّاه يفعل، وهذا ما تكلَّم عنه بولس الرَّسول في إحدى رسائله. إنَّ انتقال أحبّائنا من بيننا، وعدم تَمكُّنِنا من رؤيتهم مجدَّدًا لا يسمّى موتًا، لأنّ الموت الحقيقيّ هو موت الإنسان روحيًّا، إذ يفقد الإنسان هويّته واسمه وكرامته، ويُصبح على مِثال الرَّجل الّذي تكلَّم عنه إنجيل اليوم، ساكنًا بين القبور. بشفائه هذا الرَّجل، أعاد الربُّ له هويّته وكرامته واسمه، الّتي سُلِبَت منه حين عاش بين القبور، أي بقبوله فِكر العالم الّذي يميته. إنّ المؤمِن الّذي يقبل العيش بين القبور، هو إنسانٌ قد نَسِيَ حقيقته، وهي أنّه ابن الله، ابن الحياة. إنَّ النّص الإنجيليّ يُقدِم لنا دليلاً على شِفاء هذا الرَّجل، إذ يُخبرنا أوّلاً، أنّه ارتدى ثيابه، واللِّباس في الكتاب المقدَّس هو علامةٌ على النِّعمة الّتي يعيشها الإنسان في حياته، والّتي يفقدها عند ارتكابه الخطايا.كما يُعطينا الكتاب المقدَّس دليلاً آخر، على شِفاء هذا الرَّجل، وهو أنّه عاد صحيح العقل، وبالتّالي مشكلة هذا الرَّجل الّذي كان يعيش في القبور، كانت مشكلةً عقليّة. إنّ أهل هذه المدينة، قد انزعجوا من عمليّة الشِّفاء الّتي تمّت، لأنّ يسوع بشفائه هذا الرَّجل، أرسل الرُّوحَ الشريرة إلى الخنازير الّتي هَلِكَت في البحر، ولهذا السَبب طلب أهل هذه المدينة من يسوع مغادرة مدينتهم. بالنسبة إلى أهل هذه المدينة، تشكِّل الخنازير مَصدرَ ثروتهم الأرضيّة، ومَصدَر تجارتهم، وبالتّالي بِـهَلاكها في البحر، فَقَدَ أهل تلك المدينة أموالهم، الّتي كانوا يعتمدون عليها للعيش، وهذا ما يؤكِّد لنا انغماس أهل تلك المدينة في فِكر هذا العالم. لا يستطيع أبناء هذا العالم القبول بفِكر الله، لذا يَرفضون كلّ مَن يقبل بفِكر الله، لأنّ في ذلك تهديدًا لمصالحهم الاقتصاديّة والتِّجاريّة.

إنّ هذه الذبيحة الإلهية، الّتي نحتفل بها اليوم، مع جماعة "أذكرني في ملكوتك"، لا نُقدِّمها فقط من أجل أمواتنا الّذين انفصلوا عنّا بالجسد، بل نقدِّمها أيضًا من أجلنا، نحن الأموات في هذه الأرض، كي نحيا مع الربّ. وهذه الذبيحة تدعونا إلى التفكير في الموت: أين نحن مِنَ الموت؟ هل نحن أحياء في هذه الأرض، ننتظر الموت، أم نحن أموات ننتظر الحياة مع الربّ في الملكوت؟ فلنسعَ إخوتي، في هذه الحياة، إلى الموت عن خطايانا وأهوائنا، وعن فِكر هذا العالم، كي نتمكّن من القيامة مع الربّ والحياة معه، عندما نموت في هذه الأرض. هذا ما قاله بولس الرّسول في كلامه عن القيامة، وما قصده آباء الكنيسة بقولهم للمؤمِنِين: "إنّ مُتَّ قبل أن تموت، فهذا يعني أنّك لن تموت عندما تموت"، وفي هذا الصَدد، ينسجم قولٌ لمحمَّد رسول المسلمين، مع هذا التَّعليم، إذ يقول:"إنّ النّاس نِيامٌ، فإذا ماتوا انْتَبَهوا". إذًا، نحن نعيش في حُلمٍ لا ينتهي إلّا بموتنا الأرضيّ، فتبدأ حياتنا الحقيقيّة مع الربِّ يسوع.

فلنستعدّ إخوتي، لتلك الحياة الحقيقيّة مع الربّ، فنقبل الموت عن كلِّ فكرٍ أرضيّ، كي نستحقّ أن نكون في الملكوت، حين يدعونا الربُّ للقائه وجهًا لوجه.
في الختام، أصلّي من أجل هذا المركز ومن أجل جماعة "أذكرني في ملكوتك"، آباءً وأعضاء وعامِلِين فيها، وأخصّ بالذكِّر السيِّدة جانيت الهبر، كيما يهبها الربّ النِّعمة لكي تستمرّ في رسالة زرع فِكر الله في نفوس المؤمِنِين وقلوبهم، فتكون رسالة الصّلاة من أجل الرّاقدين، لا من أجل الموتى المؤمِنِين وحسب، إنّما من أجلنا نحن الأموات الأحياء، كي نخرج من قبور أفكارِنا القديمة، وننال الشِّفاء على مثال هذا الرَّجل الّذي كلّمنا عنه إنجيل اليوم. إخوتي، فلنُصلّ اليوم من أجل إخوتنا الرّاقدين، ومن أجلنا نحن أيضًا الأموات الأحياء، كي نموت عن فِكر هذا العالم، الّذي يحمِل إلينا شتّى أنواع الموت، فنولَد ولادةً جديدة مع ميلاد الربّ في هذه الحياة، ونكون أهلاً لحياتنا الحقيقيّة مع الربّ في الملكوت. آمين.

ملاحظة: دُوِّنت العظة مِن قِبَلِنا بتصرُّف. تتمة...
21/11/2018 كنيسة مار شربل - أوتاوا، كندا لا نـَملَّن إخوتي من الصّلاة لبعضنا البعض
https://www.youtube.com/watch?v=QCWH9_rJTv4

عظة الأب هنري عماد
في انطلاقة جماعة "أذكرني في ملكوتك"
بالقدّاس الإلهيّ من أجل الراقدين على رجاء القيامة
كنيسة مار شربل- أوتاوا، كندا

7/11/2018

باسم الآب والابن والروح القدس، الإله الواحد، آمين.

تحتفل رعيّتُنا اليوم، مع الكنيسة الجامعة، بِعِيد دخول أمِّنا العذراء مريم، إلى الهيكل؛ كما تحتفل رعيّتُنا، بنوعٍ خاصّ، بانطلاقة جماعة "أذكرني في ملكوتك" فيها.
تهدِف جماعة "أذكرني في ملكوتك"، إلى مرافقة الموتى المؤمِنِين من خلال الصّلاة، من أجل مساعدتهم في الوصول إلى الملكوت السماويّ. إنّ وجود هذه الجماعة هو دليلٌ واضحٌ على يد الله العاملة في الكنيسة، فالسيِّدة جانيت الهبر، ما كانت لتتمكّن وحدها من إنشاء هذه الجماعة لولا رغبة الله في وجودها ولولا دَعم الموتى المؤمِنِين لها. إنَّ إيماننا المسيحيّ، يرتكز على شخص يسوع المسيح، الّذي تألَّم ومات وقُبِر، ثمّ قام من بين الأموات؛ وفي فترة رُقاده في القَبر، نزل إلى الجحيم، أي إلى مثوى الأموات ليُخلِّص النُّفوس الّتي كانت تنتظر خلاصَه، وهذا ما تصوِّره لنا الأيقونة الّتي اتخذّتها جماعة "أذكرني في ملكوتك"، شعارًا لها في مسيرتها الإيمانيّة. هذا ما يوضحه لنا بولس الرَّسول في إحدى رسائله: إنْ مُتنا فمَع الربِّ نموت، وإنْ قُمنا فمَع الربِّ نقوم، وإنْ صَعدنا إلى السّماء، فمَع الربِّ نصعد إلى الملكوت السماويّ. في صلاتنا اليوم لراحة نفوس أمواتنا، نُشابه المسيح في نزوله إلى مثوى الأموات، إذ إنّنا في صلاتنا في الذبيحة الإلهيّة لأجلهم، نساهم في الإسراع في عمليّة خلاصهم وصعودهم إلى السَماء. إنَّ المسيح يسوع قد عبَّر عن رغبته في تخليص النُّفوس في يوم خميس الأسرار، ونفَّذ وعده لنا في يوم الجمعة العظيم، فتألَّم ومات على الصّليب، ثمّ قام منتصرًا من بين الأموات. في الذبيحة الإلهيّة، يَرمزُ كَسرُ الخبز، أي جسد المسيح ونضحُه بالدَّم ورفعة الكأس، إلى آلام المسيح وموته أي نزوله إلى الجحيم، وقيامته أي صعوده إلى السَّماء. إنَّ أفضل طريقة يمكننا اللّجوء إليها لمساعدة أمواتنا في الخلاص، هي تقديم الذبائح الإلهيّة لأجل راحة نفوسهم. فهل أجمل مِنَ الشِّفاء لإنسانٍ مريض، والحريّة لإنسانٍ مسجون، والنُّور لإنسان يُعاني من عَيشِه في الظلمة؟ إنّ مَن نصلِّي لأجلهم هم أعزّاءَ على قلوبنا، إذ تربطُنا بهم، علاقة قُربى أو صداقة، فَمَن نَذكُرهم في الصّلاة، هُم أجدادُنا وأهلنا، أولادُنا وأحفادنا، أو أصدقاؤنا.

إنّ الكنيسة هي سِلسِلَةٌ من ثلاث حلقات: الكنيسة الممجَّدة، والكنيسة المجاهدة، والكنيسة المتألِّمة. تتألَّف الكنيسةُ الممجَّدة مِن أمواتنا الّذين أنهوا مسيرة خلاصهم، بوصولهم إلى الملكوت السماويّ، وهم يعيشون بصحبة الأبرار والصدِّيقين، مُسبِّحين الله ومُمجِّدين وجهه القدُّوس في كلّ حين. وتتألَّف الكنيسة المجاهدة من المؤمِنِين الّذين لا يزالون في هذه الحياة، ولكنّهم يواجهون صعوباتِ هذه الحياة بإيمانٍ، كي يتمكّنوا من الوصول إلى الملكوت السماويّ، بعد انتقالهم من هذا العالم. أمّا الكنيسة المتألِّمة، فتتألَّف مِن جميع الموتى المؤمِنِين الّذين هم في الجحيم، أي في مثوى الأموات، والّذي يُعرَف أيضًا ب"الـمَطهَر"، فَهُم يتألَّمون لعدَم تمكُّنهم مِن رؤية وجه الربّ بسبب خطاياهم. وهنا يكمن دَورُ الكنيسة المجاهدة في مساعدة الكنيسة المتألِّمة، من خلال الصّلاة كي تتمكَّن هذه الأخيرة من معاينة وجه الربِّ بوصولها إلى الملكوت السماويّ. إذًا، الكنيسة، بكلِّ أقسامها: الكنيسة الممجَّدة والكنيسة المتألِّمة والكنيسة المجاهدة، تشكِّل معًا جسد المسيح السريّ، الّذي رأسُه يسوع المسيح. إنّ يسوع هو أخونا، وهو بِكرُ الراقدين وبِكرُ الصَّاعدين إلى الملكوت السماويّ. نحن نشكِّل أعضاء جسد المسيح، لأنّنا اعتمَدنا بالمسيح، ولذا علينا أن نساعدِ بعضنا بعضًا للوصول إلى الملكوت السماويّ، فحين يتألَّم عضوٌ من هذا الجسد، على بقيّة الأعضاء مساعدته في الوصول إلى الملكوت السماويّ. وبالتّالي، فإنّه في كلِّ مرّةٍ نقدِّم الذبيحة الإلهيّة، من أجل راحة أنفُس موتانا، نساعدهم في الوصول إلى الملكوت السماويّ كما نساعد أيضًا في الوقت نفسه جسد المسيح بأسرِه في الوصول إلى الملكوت، فيكون هذا الجسد ممجَّدًا على مِثال يسوع المسيح، رأسِ هذا الجسد، الجالس عن يمين الله في العرش السماويّ.
مِن مهمَّات الكاهن في الرعيّة مرافقة المرضى، وبخاصّة المشرفين على الموت، والموتى في وِداعهم الأخير، وغالبًا ما يرافق الكاهن بعض أبناء الرعيّة الملتزمين. أمّا اليوم، وبانطلاقة هذه الجماعة في الرعيّة، ستُوكَل مَهمَّة مرافقة الكاهن في زيارته للمشرفين على الموتى والموتى، إلى أعضاء هذه الجماعة. لذا أشجِّعكم إخوتي إلى الانضمام إلى هذه الجماعة، وبخاصَّةٍ الشباب منكم والسيِّدات، وقد انضمَّت بعض سيِّدات "أخويّة الحبل بلا دنس"، إلى هذه الجماعة الجديدة في الرعيّة. إخوتي، سنحتفل معًا في الذبيحة الإلهيّة الّتي سنُقدِّمها من أجل الموتى المؤمِنِين في الأربعاء الأوّل، وسنخصّ بالذِكر في ذبيحتِنا اليوم جميع موتى هذه الرعيّة في سنَتَي 2017 و 2018، إضافةً إلى أسماء الموتى الّذين سجَّلتم أسماءهم عند مدخل الكنيسة في سجلّ جماعة "أذكرني في ملكوتك".
فلنصلِّ إخوتي، في هذا المساء من أجل راحة أمواتنا، فنساعدهم بذلك العمل في الوصول إلى الملكوت، وعندها سيكونون من الشَّاكِرين لنا لخلاصهم من عذاباتهم، النّاتجة عن خطاياهم الّتي جعلتهم في حالة بُعدٍ عن الله. لا نـَملَّن إخوتي من الصّلاة لبعضنا البعض، لأنّها تساعدنا في الوصول إلى الملكوت السماويّ، فنشكر بعضنا بعضًا أمام الربِّ في ملكوته السماويّ، للمساعدة الّتي قدَّمناها من أجل حصول الجميع على الخلاص. نسأل الله في هذه الذبيحة الإلهيّة أن يرحم موتانا جميعًا، كي يرزقنا الربُّ بشفاعتهم، ويمنَحهم الخلاص. آمين.
ملاحظة: دُوِّنت العظة مِن قِبَلِنا بتصرُّف. تتمة...
18/11/2018 رعيّة مار يوسف - لارنكا السَّعي كي يكون تفكيرنا مطابقًا لفِكر المسيح وتعاليمه
https://www.youtube.com/watch?v=Ty_3cE1KPps

عظة الأب عقل أبو نادر
في القدّاس الإلهيّ من أجل الراقدين على رجاء القيامة
انطلاقة جماعة "أذكرني في ملكوتك"
في رعيّة دير مار يوسف، لارنكا- قبرص

18/11/2018

باسم الآب والابن والرّوح القدس، الإله الواحد، آمين.

بِاسْم راعي الأبرشيّة، أرحِّب بجماعة "أذكرني في ملكوتك"، الحاضرة معنا اليوم، بعد مرور سنةٍ من التحضير لاستقبالها في ما بيننا. تقوم رسالة هذه الجماعة على الصّلاة للموتى المؤمِنِين، وهذا نابعٌ من إيماننا المسيحيّ: فَكنيسة الأرض تساعد كنيسة السّماء من خلال الصّلاة، وكنيسة السّماء تتشفَّع لأهل الأرض من خلال الصّلاة أيضًا، وهذه هي طريقة التواصل الوحيدة بين الكَنيستَين. إنَّ الربّ لا ينسى أيّ عملِ محبَّةٍ نقوم به، نحن الأرضِيّين، تجاه إخوتِنا الصِّغار مهما كان بسيطًا، فَكَم بالحريّ صلاتَنا لإخوتنا المنتقلِين للحياة السّماويّة! نسأل الله أن يكون مصيرنا، بعد انتقالِنا من هذه الأرض، على مِثال مصير الّذي سبقونا إلى الملكوت، فننال الرّاحة الأبديّة والسَّعادة الّتي لا تزول، مُتَشَفِّعين لإخوتنا في الكنيسة الأرضيّة.

في الرِّسالة التّي تُلِيَت على مسامِعنا اليوم، يُخبرنا بولس الرَّسول عن إيمان أبينا ابراهيم، ذاك الرَّجل الطاعن في السِّن، الّذي وَعَده الله بإعطائه ابنًا مِن صُلبه. وبعد تحقيقه هذا الوعد لابراهيم، اختبره الله طالبًا منه تقديم وَحيدِه ذبيحةً لله، ففعل، لعِلمه أنّ هذه العطيّة كانت من الله، وأنَّها له ستعود. أمّا اليوم، فللأسف، إنّنا نخاف على أبنائنا مِن المخاطر الّتي قد تواجههم، مُتناسِين أنّ الله هو الّذي يحميهم ويهتمّ بهم؛ فمحبّة الله لأبنائنا، تفوق بأضعاف محبَّتنا لهم. إنَّ الربَّ يسوع يطلب منّا، نحن المؤمِنِين، أن يكون إيماننا به على قدر حبَّة الخردل، لنتمكَّن من نَقل الجبال، فالله لا يطلب منّا إلّا القليل من الإيمان به كي يُعطينا النِّعمة والقدرة للقيام بالأعاجيب، غير أنّ مشكلة الإنسان تكمن في تمسُّكه في الأرضيّات، رافضًا تقديم أيّ شيء منها للربّ، بدليل أنّنا نغضب عندما يلمس الآخَرون ما نعتبره من ممتلكاتنا كالهواتف، أو الملابس، أو السيَّارات أو أيّ شيءٍ آخَر يخصُّنا. ولكن هذا لا يعني أن نضع كلّ ممتلكاتنا في خِدمة الآخَرين، إذ يحقّ للإنسان الاحتفاظ ببعض الممتلكات الخاصّة في سبيل تأمين حياةٍ لائقة به وبعائلته. إنّ الحالة الّتي وَصل إليها كلّ واحدٍ منّا في هذه الحياة، هي ثمرةُ سِلسِلةِ الاختبارات الّتي عاشها في حياته، وبالتّالي على كلّ مؤمِن أن يتأمَّل في تلك الاختبارات ليتمكَّن من رؤية الله فيها، ونموِّه في مسيرته الإيمانيّة، من خلال تقييمه لمصدر نجاحه فيها أو فشلِه.

كذلك، في الإنجيل الّذي تُلِيَ على مسامِعنا اليوم، يُخبرنا القدِّيس لوقا عن زكريّا، الّذي كان طاعنًا في السِّن، وعن امرأته العاقر أليصابات، وقد رزقهما الله ابنًا بعد طول انتظار، استجابةً لصلاة زكرّيا. كان زكريّا وأليصابات، يعيشان في مجتمعٍ ينظر إلى المرأة العاقر على أنّها عارٌ. ونحن اليوم لا نزال محافِظين على تلك النَّظرة للمرأة الّتي لم تنجب أطفالاً، فنُشفِق عليها، ونتهامس في شأنها سرًّا. إنّ الله قد أعطى هذا الزّوج، طِفلاً ليس كسائر الأطفال بل طِفلاً مميَّزًا في كونه لا يشرب الكحول، وأنّه سيكون مُهيِّئ الطريق لمسيح الربّ. لم يشرب يوحنّا المعمدان الكحول، لذا لم يكن لديه صعوبة في الاستيقاظ باكرًا لتسبيح الله وتمجيده؛ أمّا اليوم، فإنّنا لا نثابر على حضور القدَّاسات يوم الأحد، بسبب إفراطِنا في السَّهر مساء السَّبت، وعدم قُدرَتنا على الاستيقاظ في اليوم التَّالي نتيجة شُربنا للكحول. كان مهمَّة يوحنّا المعمدان تقوم على إعداد الطريق للربّ، وردِّ النّاس إلى الطريق الصَّحيح من خلال سلوكه الصّالح، فالله أعطى خريطة الطريق ليوحنّا لإيصال كلمة الله للآخَرين. إنَّ منطق الله مختلفٌ عن منطق البشر: فالله قد اختار زكريّا وأليصابات العجوزَين وأعطاهما ولدًا، فكان مُهيِّئ الطريق للربّ المسيح. إنّ منطق البشر مبنيّ على تمسُّك هؤلاء بالأمور الأرضيّة وعدم تخلِّيهم عنها؛ أمّا منطق الله فَمَبنيّ على محبّة الله للبشر. إنّ الله إلهٌ يسمع صلواتنا الّتي نوجِّهها له، ولكن إنْ لم يستجِب لطِلباتِنا فهذا يعني أنَّ ما يطلبه غير مفيدٍ لخلاصِنا، وبالتّالي عدم استجابة الله لطِلباتنا لا يجب أن تدفعنا إلى إيقاف صلاتنا، بل إلى المثابرة عليها، إذ إنّ الله يعرِف ما يُفيدنا أكثر منّا. إنَّ منطق الله، هو منطقٌ مبنيّ على المحبّة غير المحدودة لا بزمان ولا بمكانٍ ولا بأحداثٍ، فمحبّته لنا هي محبّة أزليّة أبديّة. إنّ منطق الله المبنيّ على المحبّة، يدعو النّاس إلى إعادة التفكير في منطقهم البشريّ، لأنّه إن لم يكن منطق البشر مُطابقًا لمنطق المحبَّة، فإنّ كلّ الصَّلوات والأصوام والأعمال التَّقوية الّـتي يقوم بها البشر، لن تكون نافعةً لهم. إنّ منطق الله مبنيٌّ على قبول الآخَر، والإعداد لمجيء الله.
إنَّ الله قد أتى إلى أرضنا منذ ما يُقارِب ألفَي سنة، وهو يأتي إلينا في كلّ يوم، ولكن علينا الانتباه لحضوره من خلال السَّعي لالتقاط "ذبذبات المحبّة"، أي من خلال السَّعي كي يكون تفكيرنا مطابقًا لفِكر المسيح وتعاليمه. نسأل الله النِّعمة كي نتمكَّن مِن تَلَمُّسِ حضوره في حياتنا من خلال اختباراتنا الحياتيّة اليوميّة، فننظر إلى الّذين يعيشون في مجتمعِنا على أنّهم قّدِّيسون. آمين.

ملاحظة: دُوِّنت العظة مِن قِبَلِنا بتصرُّف. تتمة...
9/11/2018 كنيسة السيّدة العذراء مريم الأرثوذكسيّة - مونتريال المسيح قام، حقًا قام!