البحث في الموقع

لقاءات و نشاطات


انطلاقات وقداديس

"من اكل جسدي وشرب دمي له الحياة الأبدية"
(متى 25 : 40)
11/3/2009 رعية رقاد السيدة - المحيدثة المتن أسئلة كثيرة تخطر في بالنا، ومنها تلك التي تختصّ بالموت، وذلك عند حدوث وفاة...
انطلاقة الجماعة بالقداس الشهري الأول لأجل الراقدين على رجاء القيامة
عظة الأب ملحم الحوراني - خادم الرعية

أسئلة كثيرة تخطر في بالنا، ومنها تلك التي تختصّ بالموت، وذلك عند حدوث وفاة في العائلات المسيحيّة، كالسّؤال: "ماذا يرتدي المسيحيّون عند وفاة أحدهم؟"
الشّائع اليوم هو ارتداء اللون الأسود...
منذ نشأت الكنيسة، وهي تتطوّر نحو الأفضل، لا نحو الأسود- الأسوأ! ويقول القدّيس "يوحنّا الذّهبي الفم": "ماذا يرتدي المسيحيّون؟ وماذا يفعلون؟ إنّهم يدنّسون "يوم القيامة هذا! إنّهم يتمسّكون بالأسود! لكنّ النّاجح، والمنتصر- والموت بداية، ونجاح، ونصر- يرتدي الثّياب الجديدة الوضّاءة!
ألا تؤمنون بالمسيح؟
ماذا تدفعون النّاس إلى توجيه التّهم إلى الله؟
ألا تحزنون على الله؟
أنتم تقاتلون أنفسكم!"
كتب أحد المؤرّخين:"لا ندب في جنازاتنا!فنحن نزيّن جنازاتنا بالهدوء العظيم!فنحن محفوظون في قلب الله، ولا نحتاج إلى تزيين قبر الميت بأكاليل زهور فانية، ستذبل بعد حين...نحن نفعم بالرّجاء، والفرح، والثّقة بعظمة الرّب، وهكذا نرتفع بالبركة، ونحيا!"
هل نخاف الموت، نحن المسيحيين؟
وحياتنا بجهادها وتعبها، بفرحها وبحزنها، بصلواتنا فيها ودعاءاتنا، متأهّلين كنّا أم عازبين، موجّهة ومتوجّهة نحو هذا اليوم!
مار بولس، اشتاق هذا اليوم!
يقول القدّيس : "متى الموت؟"
يخشى المشرفون على الموت هذا الأخير، لأنّهم مرهونون بروايات عن الموت!
أمّا نحن فلا نخاف الموت، بل نشتاق إلى الرّقاد، إلى يوم القيامة...
فمن عليه أن يخوض امتحانا، ينم جيّدا؛ نحن، علينا أن ننام!
... تتمة...
12/2/2009 رعية دير مار الياس - انطلياس ها هي نعمة الرّب تجمعنا مجدّدا بإخوتنا المؤمنين في رعيّة جديدة، ويسكب الرّب علينا من لدنه...
انطلاقة الجماعة بالقداس الشهري الأول لأجل الإخوة الراقدين على رجاء القيامة
عظة الأب جوزف عبد السَّاتر – خادم الرعية

ها هي نعمة الرّب تجمعنا مجدّداً بأخوتنا المؤمنين في رعيّة جديدة، ويسكب الرّب علينا من لدنه، بركاته اللامحدودة، حتّى نصلّي معاً، ومن صميم القلب، ونذكر موتانا المنتقلين منّا، إلى ديار الفرح والحبور.
وفي كلام الأب جوزف عبد السّاتر، رئيس دير مار الياس أنطلياس، ومحيي القدّاس الأوّل للجماعة في رعيّته، شكر كبير للخوري جوزف سلّوم، خادم رعية مار فوقا – غادير، والأب جان أبو زيد، خادم رعيّة مار يوسف، المطيلب، على هذا اللقاء المفعم بالقدسيّة، والعرفان بالجميل لمن سبقونا.
وفي عظته إشارة إلى أهمّيّة الصّلاة من أجل موتانا، حتّى نخلّصها، بمثابرتنا على ذكرها، والصّلاة راحةً لنفوسها، من عذابها المطهري. إذ إنّ الكنيسة، جسد المسيح السّرّي، إنّما هي اتّحاد جوهري بين أبناء الكنيسة الأرضيّة المجاهدة، وأبناء الكنيسة السماويّة المنتصرة، وأبناء الكنيسة المطهريّة المتألّمة؛ عبر الصّلوات المتبادلة بين الكنائس، وأعمال الخير الأرضيّة، والتّشفّع السّماوي لنا من قبل المنتصرين من المنتقلين. ومن الأمثلة الواقعيّة لهذه الحقيقة الرّوحيّة، ما جرى مع القدّيسة "مارغريت- ماري ألا كوك"، من راهبات الزّيارة، التي توفّيت رئيستها الأمّ في حالة البرارة والقداسة، فشاء الرّب أن يظهر لها في الحلم، ليعلمها بأنّ أختها ما زال أمامها ستّة وثمانون يوماً لخلاصها من المطهر...فشرعت القدّيسة تصلّي مع الجماعة، راحةً لنفس أختها، وتقوم بأعمال الخير والرّحمة، حتّى أوحى إليها الرّب بعدها، بأنّها، بأعمالها تلك، تقوّي الأنفس المطهريّة، وخاطبتها اثنتان من أخوتها في حلمها، تقولان لها، مع مليون نفس صاعدة إلى السّماء، إنّهنّ يشكرنها على صلواتها وأعمالها التي ساهمت في دخولهنّ إلى السّماء؛ فتمنّت "مارغريت- ماري" أن يذكرنها من فوق، فأجبنها إنّه "لا مكان في السّماء لناكري الجميل..".
كما ذكّر الأب عبد السّاتر بعمق وجمال رسالة، وإنجيل اللقاء، الذي يشدّد على أهمّية تحقيق الاتّحاد بين الكنائس الثّلاث لضمان متانة اللّحمة، ولشدّ الأواصل الرّوحيّة الخفيّة بينها، أي بيننا وبين من سبقونا. ونوّه عبد السّاتر إلى علاقة الحبّ الحقّ بذكر الموتى المنتقلين منّا: فمن يذكر موتاه، هو المحبّ بكلّ ما للكلمة من معنى، وأن من ينساهم، لا يقدر أن يحبّ، بل لا يجيد الحبّ حقّا؛ إذ إنّ الحبّ الحقيقيّ إنّما يكون بالمشاركة وعيش المصاب والفرح مع أخوتنا، أي نعامل الأسرى وكأنّنا خلف القضبان، وأن نعامل المرضى وكأنّنا أصحاب المرض نفسه. هذا هو سرّ تجسّد المسيح، ولبسه إنسانيّتنا المؤلمة، ومشاركته لنا في فعل الحياة الأرضيّة بالجسد، وحده التّنزّه عن الخطيئة، هو ما يميّزه منّا.
وفي معرض الكلام عن المشاركة، ذكّرنا الأب بألّا نقابل الشّرّ بالشّرّ، وأن نبادر إلى مسامحة أخينا، ولو على حساب حقّنا؛ فهذه هي وصيّة المسيح ربّنا، ومخطئ كلّ من تسوّل له نفسه المنغمسة في أوحال المجتمع وعقائده، على نقضها أو محاولة تغييرها حتّى تتماشى مع كبرياء الأرضيين الفارغ. وعرّف ب"الأخ" الحقيقي الّذي يواجه أخاه بالحقيقة مهما بلغت صعوبتها، ومهما تضاربت مع مصالحه الدّنيويّة، حتّى يصالحه أبداً مع حقيقة ذاته، فيصرخ فيه حينها- كما صرخ يسوع بالفرّسيين في الهيكل- ويهدّؤنا بـ"طوبى لكم"- على مثال المسيح مع الفقراء.
وختم الأب عظته برفع صلاتنا إلى الرّب تعالى، طالبين منه أن يزوّدنا بالنّعم حتّى نستعدّ للقائه، في الولادة الثالثة، بعد ولادتنا أوّلاً بالجسد، وثانياً بالمعموديّة، فنصير ملوكاً كما أرادنا، ونعاين وجهه بالمجد.
وتلا القدّاس لقاء بأيناء الرّعيّة، وتقديم شعار الجماعة لرئيس الدّير وسط أجواء الفرح والسّرور.

ملاحظة: دُوِّنَت العظة من قِبَلِنا بتصرُّف.
2/11/2008 تذكار الموتى نلتقي في هذه الرعية المحبة للمسيح لنكونَ على موعد الرجاء...
القداس الاحتفالي السنوي في رعية مار فوقا - غادير
عظة المطران أنطوان نبيل العنداري السامي الاحترام

أيها الأحباء في تذكار الموتى المؤمنين نلتقي في هذه الرعية المحبة للمسيح بدعوةٍ من جماعة "اذكرني في ملكوتك"، لنكونَ على موعد الرجاء والصلاة لأجل راحة أنفس موتانا المؤمنين الذين تذكرهم الكنيسة، وتذكر الموتى عموماً.
وتكريم الأموات يعود إلى القديمِ القديم، فيذكر الكتاب المقدس في سفر المكابيين الثاني من العهد القديم، كيف أنَّ يهوذا المكابي كان يُــقيم الذبائح تكفيراً عن الأموات ومن أجل راحة نفوسهم، وكان ينمو هذا التقليد إلى جانب الذبائح التي كانت تقام على نية الموتى ليكتسب الموت معنى القيامة والرجاء مع مجيء السيد المسيح. والكتاب المقدس من خلال تعليم يسوع المسيح يركز على معاني الرجاء والحياة الأبدية وعلى هذا العبور الذي ينتقلُ فيه الإنسان من الموت إلى الحياة. والرَّبُّ يقول لنا في إنجيله "من يؤمن بي، ومن يسمع كلامي ينال حياةً أبديَّةً". يعدُنا الرَّب بهذا الميراث الأبدي، بهذا الملكوت السماوي، بهذه الحياة الثانية التي أعلنتها الكنيسة حقيقةً إيمانيةً في خاتمة قانون الإيمان حين نقول: "نترجى قيامةَ الموتى والحياة في الدهر الآتي". فالموت لم يعدْ في نظر المؤمن نهاية، إنمَّا بداية لحياة حقة ووفيرة، ولأنَّ المؤمن ينظر نظرةً مع المسيح القائم من بين الأموات الذي غلب الموت بالموت وكانت قيامته عربونا لقيامة كل منا.
وكان التكريم مستمراً في تاريخ الكنيسة، إذ كان الناس يجتمعون حول قبور الشهداء، وكان الآباء القديسون يوصون بالصلاة من أجل راحة نفوسهم، تماماً كما فعلت والدة القديس أوغسطينوس، القديسة مونيكا، التي أوصت ابنها بأن يذكرَها في الذبيحة الإلهية. وعلى هذا المنوال سارت قافلة جميع المؤمنين الذين يترجَّون القيامةَ والحياة الأبدية، ولكنهم يدعُون أحباءهم وأنسباءهم لكي يذكروهم في صلواتهم، لأنَّ المزمور يقول "إنَّ ذكر الصديق يدومُ إلى الأبد".
وجاء البابا بونيفاسيوس الرابع، في الجيل السابع، ليرسمَ رسمياً هذا التذكار، ليكونَ تذكار الموتى المؤمنين وتكون الصلاة من أجل راحة أنفس الموتى. ولكن، أن يكونَ تذكار الموتى في الثاني من شهر تشرين الثاني، فهذا أمرٌ يعود إلى مطلع الجيل الحادي عشر، حين كان أحد الآباء العامين في فرنسا، في دير كلوني، ورسمَ الصلاة لتكون بعد صلاةِ عيدِ جميع القديسين. ومنذ ذلك الحين بدأ التقليدُ في تكريم الموتى وزيارة المقابر وأخذ الزهور لتوضع تكريماً لهم بعد الذبائح الإلهية التي تُقام راحةً لنفوسهم.
وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية، عمَّمَ قداسةُ البابا بينيديكتوس الخامس عشر هذا التكريم، ليكون في الكنيسة جمعاء إلى جانب المؤمنين.
وقد ذكَرنا هذا التاريخ أيها الأحبة، لنقولَ أنَّ الشراكة بين الأحياء والأموات هي شراكةٌ روحية، وأنَّ علاقتنا مع أمواتنا هي علاقة شركة القديسين، هم سبقونا ونحن لاحقون. ونحن إذا ما ذكرناهم في صلواتنا، فإنَّما هو تذكارُ الذَّبيحة للتكفير والتنقية والتقديس، كما يقول لنا القديس بولس في رسالته الأولى إلى كنيسة كورنثوس: "لأنَّ الخلاص يمر ُّكما يمرُّ الإنسان في النار". وفي صلاة الجنازة نقول: "كالمعدن في كُوَرِ اللَّهيب يجتازُ الإنسان ليتنقَّى ويتقدَّس، ليكونَ في ملءِ العلاقة مع ربه في الملكوت السماوي". وهكذا تكتسب الذبيحة معناها لأنَّها من أجل راحة أنفس الموتى، ومن أجل اللقاء مع الرب، ولكي تتنقَّى النفوس بعد عيشها في غربة هذه الدنيا، لتلتقيَ الآب السماوي الذي يجازيها على أعمالها.
وبين التاريخ وتعليم الكنيسة، تدعونا رعوية تذكار الموتى لكي نُعبِّرَ في مرافقتنا لموتانا وصلاتنا لأجلهم، عن إيماننا، لأنَّ المسيحَ القائمَ من بين الأموات، باكورة الراقدين يعلمنا أنَّ الذي يتغلب على الموت باستطاعته أن يقول مع بولس الرسول: "أين شوكتكَ يا موت؟ وأين غلبتكِ يا جحيم؟"، لأننا أصبحنا أبناء الحياة، أبناء القيامة، ولأن الموت لم يعد سوى عبور إلى الحياة الأبدية، والحياة الحقَّة الوفيرة.
المؤمن إذاً يَذكر موتاه بعين القيامة والرجاء، ولأنَّنا مؤمنون ونعود إلى تعليم الرَّبّ وكلامه في الكتاب المقدس وإلى تقليدنا في الكنيسة، لذلك نكرم موتانا. وإذا ما كانت السنة الطَّقسية في الكنيسة المارونية تذكر الموتى المؤمنين في أسابيع التذكارات التي تفصل بين زمن الدنح وبداية زمن الصوم، ولكن في هذه الشراكة مع الكنيسة الجامعة تذكر الكنيسة الموتى جميعاً في الثَّاني من شهر تشرين الثاني. فإنَّنا نرفع ألحاظنا إليه تعالى، مُستَمطِرين منه الرحمات لأجل موتانا، أنسبائنا، أقاربنا، وجميع الموتى في العالم، الذين لهم من يذكرهم، والذين ليس لهم، نحن نذكر ونصلي من أجل راحة أنفسهم جميعاً، ولكي نعيش معهم في شراكة، نحن نصلي لهم وهم من عليائهم يشفعون بنا، وهكذا تكون الشراكة وفق ما يريد ربنا، بالصلاة وبتقديم الذبيحة الإلهية التي أرادت الكنيسة أن تكون لخير النفوس ولخير أمواتنا.
ورعوية تذكار الموتى تدعونا لكي نكون إلى جانب الحزانى "طوبى للحزانى لأنهم سيفرحون" يقول لنا المسيح في عظته على الجبل. وما هذه المرافقة إلا لنساعدَ الحزانى على عيش أجواء الرجاء، ولكي نحيي ونُذكي الإيمان في قلوبنا وضميرنا وطريقة عيشنا وشهادة حياتنا المسيحيَّة، والمرافقة تكون مع الأحياء حين تغرب حياتهم، ومع الثَّكالى بعد غياب أمواتهم. فهذه المرافقة ليست مرافقة إنسانية واجتماعية فحسب، إنما هي أيضا مرافقة روحية إيمانية، هي مرافقة تشدُّ الإنسانَ إلى أخيه الإنسان لكي يحيا القيم التي يدعونا الإنجيل لنعيشَها في هذه المحبة التي تربط الإنسان بأخيه الإنسان وبشكل خاص المحزون والمحتاج. وإلى جانب ذلك تكون هذه المرافقة في عيش التكفيرِ من خلال أعمالِ الرحمة التي نؤدِّيها في ذكر موتانا، وهذا ما تسعى الجماعات الكنسية ومن بينها جماعة "اذكرني في ملكوتك" التي أخذَت على عاتِقِها أن تكون في صُلْب نشاطها ورعويَّتها وتأدية شهادة حياتها، قريبة من المحزون ومصلِّية من أجل راحة نفوس الموتى، وأن تقدِّمَ الأعمال الصالحة والمبرورة على نية الموتى، وأن تذكر بشكل خاص من ليس لهم من يذكرهم، وهذا ما تدعونا إليه الكنيسة.
أيُّها الأحباء، إنَّنا في هذا التَّذكار المبارك، وبهذه الخواطر الرُّوحية واتكالاً على المواعِدِ الإلهية، نسأله تعالى أن يُجزينا خير الجزاء لكي نعيش إيماننا وحقائقنا الإيمانيَّة، ونفهم أن الموت عبور إلى الحياة الأبدية، ونصلي من أجل راحة نفوس موتانا ونرافق المحزونين، ونعرف أنَّ تذكار الموتى لم يعد حزناً كحزن الوثنيين، إنَّما حزن يؤول إلى الفرح، يؤول إلى المجد لأن آلام هذه الدنيا لا توازي المجد المزمع أن يأتي. وباستطاعتنا أن نقول مع اللِّص اليمين الذي كان إلى جانب يسوع المسيح ونال الخلاص في اللَّحظة الأخيرة "اذكرني يا رب متى أتيتَ في ملكوتِك"، لأنَّ الرَّبَّ هو الرَّحمة وهو المحبة. آمين
.
ملاحظة : دُوّنت العظة من قبلنا بتصرّف
29/10/2008 رعية القديس نيقولاوس - بلونة ها نحن ننطلق في الكنيسة الارثوذكسيّة، بنعمة الرّب وبركته، مسلّمين لمشيئته تعالى....
انطلاقة الجماعة بالقداس الشهري الأول لأجل الراقدين على رجاء القيامة
عظة الأب ابراهيم سعد - خادم الرعية

ها نحن ننطلق في الكنيسة الارثوذكسيّة، بنعمة الرّب وبركته، مسلّمين لمشيئته تعالى.
في تمام السّادسة والنّصف من يوم الأربعاء الواقع فيه 29 تشرين الأوّل 2008، كانت الذّبيحة الإلهية، وترأّسها الأب ابراهيم سعد، بحضور الخوري جوزف سلّوم خادم رعيّة مار فوقا-غادير، والأب عبّود عبّود، رئيس دير سيّدة الكرمل.
وقد استهلّ الأب ابراهيم سعد عظته برسم إشارة الصّليب والتّسليم لها: "باسم الآب والابن والرّوح القدس، إله واحد، آمين"، معلناً بدء سلسلة القداديس الشّهريّة في الأربعاء الأخير من كلّ شهر، وذلك راحة لنفوس الموتى. وأشار إلى تخليد أسمائهم في السّجلّ الذّهبي، وإلى مرافقة الخوري لهم وذكره إيّاهم على المذبح، في كلّ قدّاس، بالأمانة التي يمنحه إيّاها أهل الفقيد.
وتابع مؤكّداً أنّه لم يعد هناك من يقول "ما حدا سامع"، فالله يسمعنا في كلّ حين، وقد جاء في إنجيل اليوم: " تأتي ساعة يسمع فيها من في القبور صوته "؛ فهناك إذا وقت، يطلق فيه صوت الرّاعي، وعلى الرّعيّة أن تسمع، لأنّ "من في القبور" لا تعني الموتى فحسب، بل هي كناية عن من سجنوا في قبور ملذّات هذه الدّنيا وخطاياهم وكرههم، لذا، فدعوة "السّمع"، ليست موجّهة إلى موتى الجسد فحسب، بل إلى موتى الرّوح أيضاً. والكنيسة، تسمعنا كلمة الرّب في القداديس، حتّى نعتادها فنتعرّفها حين "نسمع صوته "، فلا نغشّ، ولا نتوهّمها في صوت آخر غالباً ما يحاول أن يبقينا أسرى قبورنا الدّنيويّة، ويصمّ آذاننا، ويعمي قلوبنا عن سماع كلمة الرّب.
دعوتنا اليوم، للصّلاة من أجل الموتى حتّى، بصلاتنا من أجلهم، تتحرّك نفوسنا نحو التّوبة والتّعلّق بكلمة الرّب وصوته، فتنتعش نفوسنا، وتلتهب قلوبنا بمحبّته؛ إذ إنّنا من عائلة الرّب، ولا يمكن للموت أن يقطع حبل اتّصالنا بموتانا الذين نحبّهم، لأننا نصلّي راحة لنفوسهم، ولكي تحلّ عليهم رحمة الرّب، وبهذا نكون قد أكّدنا موقفنا الإيمانيّ تجاه الرّبّ وتجاه الميت؛ إذ إنّ هذا الأخير لا يحضر وحده في صلاتنا بل يكون مع الرّب. فنحن بالتّالي، نصلّي من أجل أن يقوى صوت الله، ومن أجل أن يقوى سمعنا فنصغي إلى كلمته، لذا علينا أن نطلب حضور الرّب في حياتنا، وفي نفوسنا، حتّى تتنقّى قلوبنا، فنتخطّى كلّ حزن، إذ نحوّله إلى شوق الانتظار. فبالصّلاة لأجل راحة نفوس الأموات فرح لا يوصف، وهذا أمر صعب؛ ولكنَّ من يؤمن بالذي أرسلني نحو الحياة الأبديّة، يدرك، بل انتقل من الموت إلى الحياة، وهذا كلام صعب لا يدرك. لذلك نصلّي راحة لنفوس أمواتنا حتّى يكونوا في مكان لا تسمع به أذن، ولا يخطر على بال أحد، وحيث التّرح لا يعرف له طريقاً، لأنّه يأتي من الأسفل الّذي لا يصل إلى مصاف الرّب، ويحلّ الفرح لأنّه يأتي من الأعالي، ويملأ الأرجاء.
وعرّف الأب سعد أخيراً بنشاطات جماعتنا " اذكرني في ملكوتك "، الّتي وصفها بأنّها صوت صارخ نحو أذن الرّبّ، وذلك بالصّلاة من أجل المنتقلين عنّا، وبمرافقة المرضى المشرفين على الموت حتّى يتعزّوا فلا يخافوه، رغم أنّه عدوّ، وبأعمال الرّحمة التي ندرك من خلالها معنى موت المسيح لأجلنا، وبرسالة التّعزية الشّهريّة التي يكتبها أحد الكهنة. أمّا القداديس الشّهريّة فتتنقّل بين الرّعايا حتّى تفرح القلوب وتحييها. ونوّه إلى أنه أراد لهذه الصّلاة أن تكون هنا، في هذه الرّعيّة، حتّى يَسمع الله، ويُسمع صوته، فتحيا القلوب.
وطلب الأب من الرّب أخيراً، أن يرحم الجميع، وأن يساعدنا على مواجهة الموت بقوّة وشجاعة وهامة مرفوعة ومن دون خجل، حتّى يتنبّه الرّب لوجودنا، فيقول لنا: "كنت أميناً على القليل، وسأجعلك أميناً على الكثير؛ أدخل إلى فرح ربّك"، آمين.
وخُتِم اللقاء بجوّ من الفرح، في صالون الكنيسة، حيث احتفل الجميع بالقدّاس الأوّل.كما قدّم إلى الأب ابراهيم سعد ما سمّاه "درع الإيمان"، وسط جوّ من الفرح والحبور.

ملاحظة: دونت العظة من قبلنا بتصرف.
24/9/2008 رعية مارمارون - بيادر رشعين ها هي نعمة الرّب تُطلقنا من جديد، سائرين على خطى مار بولس، إلى الشّمال في بيادر رشعين- زغرتا
انطلاقة الجماعة بالقداس الشهري الأول لأجل الراقدين على رجاء القيامة.


ها هي نعمة الرّبّ تطلقنا من جديد،سائرين على خطى مار بولس إلى الشّمال في بيادر رشعين، زغرتا.
بغيرة أهل القرية وطيبتهم وكرمهم غير الموصوف، استقبلنا الخوري وأهل رعيّته في صالون كنيسة "مار أنطونيوس الكبير". بعدها جلنا في رحاب الضّيعة، نعبّ من سحر مناظرها الخلاّبة، ونقاء هوائها المضمّخ بعطر الأشجار المتنوّعة.كما كانت لنا محطة في كنيسة "مار مارون"، التي زرناها مودعين شفيعها أمانينا بمباركة يومنا الطّويل، حتّى وصلنا إلى مدافن الضّيعة، حيث احتضنتنا "الشّهيدة مورة" في كنيستها المتواضعة، النّاضحة بالخشوع والقدسيّة والبساطة.
بعدها احتفل الخوري جوزف سلّوم، مرشد الجماعة، وكلّ من الخوريين "أنطوان الزّاعوق"، و" جوزف عويس" بالذّبيحة الإلهيّة في باحة الكنيسة؛ وسط شعاع الأضواء، وأنوار الشّموع، وفي ظلّ صورة عملاقة للشّهيدة مورة، رفعها شبّان القرية،كما مدّوا على جدار الكنيسة بساطاً أبيض ساهم كشاشة عملاقة في نقل القدّاس للملأ.
وقد استهلّ الخوري سلّوم عظته بشكر كبير لخوريَّي الضّيعة اللَّذين قبلا استقبالنا مساهمة في نشر الرّسالة؛ وإلى أهل القرية الذين استقبلونا أفضل وأكرم استقبال، وانهمكوا في التّحضير ليكون هذا اللقاء موفّقاً. وتابع منوّها، أن دافع هذا اللقاء هو الرّجاء بيسوع المسيح.
كما أشار إلى كون هذه السّنة، سنة القدّيس بولس، الذي أمضى حياته يجمع النّاس ليعظهم حتّى طلوع الصّبح؛ وقد تعلّم هذا الأخير على يد "جملائيل"، آخذا عن الثّقافة اليونانيّة؛ في حديثه كلّ عناصر التّشويق، ويتّسم بالصّراحة والجرأة والوضوح.
وجاء في حديثه أنّنا في زمن الصّليب، وأنّ كلاّ منّا يطرح على نفسه السّؤال ذاته:"من أنا؟"، أأنامجرّد رقم في هذا العالم، أم أنا مخلوق سام، فكّر الله فيّ قبل أن أكون في الحشا؟ وإذا كنت كذلك، فأنا إذا إنسان بعين إله.
ويراود كلاّ منّا،كذلك،سؤال آخر:"أين أنا؟"؛ أين أنا في مسيرة إيماني؟ وما هو انعكاس إيماني على أخلاقي؟
إن وجدت الإجابة الصّحيحة عن هذه الأسئلة، عرفت أنّي "ابن السّماء"و "ابن الملكوت". وعرفت كذلك أنّ الله خلقني لحياة لا تنتهي، فيصبح هدفي عندها: "أن أجد مكانا لي في السّماء".
عندما يولد الإنسان، نطلق عليه اسما، نعطيه هويّة نكتبها على مريلة المدرسة، ودفاتره الصّغيرة، حتّى إذا ما شبّ،كتبه بنفسه على أوراق عمله، ووقّعه على المعاملات الرّسميّة بشتّى أشكالها. وكلّ هذا مهمّ جدّاً في حياته الأرضيّة، حتّى إذا ما مات،كتب اسمه على المحمل . ولكنّ الأهمّ هو أن يُكتب اسم الإنسان بالإيمان والأعمال الصّالحة والمصالحة والتّوبة وبالقربان المقدّس في السّماء. وما عبارات المسيح السبع على الصّليب، إلاّ الدليل الأوضح على ذلك:
"اغفر لهم يا أبتاه، لأنّهم لا يعلمون ما يفعلون"
"بين يدَيك أستودع روحي"
"إلهي! إلهي! لماذا تركتني؟"
"اليوم تكون معي في الفردوس"
"أنا عطشان"
"مريم هذا هو ابنك - هذه أمّك"
"لقد تمّ كلّ شيء"
وقد قالت القدّيسة "تريز"، ابنة السّنوات الأربع، لأبيها في هذا السّياق:"اسمي مكتوب في السّماء"، ومن الجدير ذكره أنّه سيعلن قريباً، تطويب أم تريز "زيليه"- التي فاقت كتاباتها كتابات القدّيسة تريز روعة وجمالاً وعمقاً- وأبيها. تاريخنا على الأرض إذاً، هو عبور إلى السّماء.
ثم ّعبّر الخوري عن فرحه العارم بمشروع المدافن في المنطقة، مشيراً إلى ريادة أهلها فيه، وحرصهم على توفير الرّاحة والتّشجيع على زيارة المدافن والصّلاة من أجل الموتى. ثمّ ذكّر أنّ الموت يساوي النّاس أجمعهم، مهما كان موقفهم من الأمور ومهما فعلوا أو قالوا.
هكذا أوصانا أن نكون كالعنكبوت التي تصل بخيطانها أعلى الشّجرة بأسفلها، ونحافظ على خيوط تصل الأرض بالسّماء.
وختم العظة مُعرّفاً بالجماعة وأعمالها وأهدافها؛ من الصّلاة من أجل المنتقلين، إلى مرافقة المرضى المشرفين على الموت، إلى أعمال الرّحمة المختلفة، إلى تغيير رعويّة الموت، إلى المصالحة مع الموت رجاء بيسوع المسيح.
ثمّ شكر الجميع، أخيرا، على إصغائهم، حاملا في صلاته كلّ الوجوه الطّيبة التي سبقتنا إلى الدنيا الحقّة.

ثمّ تلت السّيّدة جانيت مخايل الهبر كلمة عرّفت بدعوتها وكيفية نشوء الجماعة وماهيتها وأهدافها، وفي ختام زيارتنا، تناولنا "الهريسة"، بركة العيد مع كلّ الحاضرين، من أيدي نساء القرية، وسط أجواء الحبور والفرح. وعدنا عند التّاسعة والنّصف مساءً، تملؤنا الذّكريات الحلوة ليوم من أجمل أيّام العمر.

ملاحظة : دُوّنت العظة من قبلنا بتصرّف.
13/5/2008 دير يسوع الملك - زوق مصبح مرّة جديدة، تجمعنا نعمة الرّب حتّى ننطلق من أرض ملكيّة، فيفتح لنا "يسوع الملك" ذراعيه...
انطلاقة الجماعة بالقداس الشهري الأول لأجل الراقدين على رجاء القيامة
عظة الخوري جوزف سلوم - خادم رعية مار فوقا، غادير

مرّة جديدة، تجمعنا نعمة الرّب حتّى ننطلق من أرض ملكيّة، فيفتح لنا "يسوع الملك" ذراعيه، ويضمّنا الى قلبه الأقدس، ثمّ ينشرنا في العالم كلّه لنبشّر برسالة السّماء .
من دير "يسوع الملك" في زوق مصبح، وفي زمن تطويب الأب يعقوب الكبوشي وبشفاعته تبلورت بشارتنا ذبيحةً إلهيةً أقيمت راحة لنفوس الرّاقدين، وقد احتفل بها الآباء جوزف سلوم، خادم رعية مار فوقا – غادير، والأب ميشال عبّود الكرملي، والأب يوسف الخوري، خادم رعية مار شربل – أدونيس، بحضور الرّاهبات الفاضلات في الدّير، وحشد من المؤمنين في المنطقة والجوار.
افتُتح القدّاس، بتلاوة صلاة الجماعة التّي فيها عُصارة روحانية جماعة "اذكرني في ملكوتك"، ثمّ تتالت مراحل الذّبيحة الإلهية على أنغام الأورغن، يعزف عليه الأستاذ لوقا صقر وبمرافقة صوت السيدة نبيهة يزبك الملائكي.
ثمّ استهلّ الأب جوزف عظته، بشكر الله على نعمة اللقاء مع الرّب من جهة ومع بعضنا البعض من جهة أخرى، كما شكر الأب يوسف الخوري والأب ميشال عبّود على مشاركتهما في الاحتفال بالذّبيحة الإلهية، والرّاهبات الفاضلات اللّواتي، وعلى مثال الأب يعقوب الكبّوشي، و"يسوع الملك" فتحن لنا قلوبهن، يستقبلننا ورسالتنا بلهفة وإيمان عارمين.
وقد قال الأب سلوم أن وجودنا اليوم بينكم ليس صدفة، بل هو نعمة ودعوة من الرّب، هو نعمة ودعوة من أبونا يعقوب الكبوشي.
نحن اليوم في زمن الرّوح، الرّوح العامل فينا، الرّوح الذّي يعطي وجودنا وحياتنا ثلاثة أبعاد مهمّة : البعد الأول، وهو "روح البنوّة"؛ فكلّنا أبناء الله، أبناء السّماء، ولنا في ذلك كِبَر عظيم، وفخر أعظم. والرّوح هو الذّي يعرّفنا بأبينا، ويصرخ فينا "أبا".
البعد الثاني، وهو "روح المحبة" الذّي يجعلنا واحداً، اما البعد الثالث، فهو "روح القداسة" الذّي يسمو بنا إلى مصاف القديسين الأبرار، هذه هي الأبعاد الثلاثة التّي رافقت مسيرة جماعتنا وهي تبشر بواحدة، "بالسّماء" أفلا أحد منا قد استثني من فقدان عزيز أو حبيب، ولم يتفلّت أحد منّا من واقع الموت الأليم.
بنعمة إلهية، ومن أجل ذلك كلّه نشأت الجماعة، حتّى تقول إنّنا لسنا أرواحاً فقط! فما دمنا قد وعينا إلهنا، فعلينا ألا نترك أحداً يتجاهل أو يتناسى ذكر موتاه، فهم أحياء في قلب الله، وهكذا وبتجلّي أبعاد الرّوح الثلاثة فينا، نشأت جماعتنا حتى تصبح جماعة رجاءٍ في العالم.
حضورنا اليوم بينكم، ووجود جماعتنا في هذا الدّير، هو بتدبير إلهي وبشفاعة من أبينا يعقوب، وكما طُبع التاريخ بوقائع مهمّة، ُيتذكّر فيها، كأشخاص أو أحداث أو رجالات، أو غيرهم، فولادة جماعتنا اليوم بينكم، وفي دير يسوع الملك، مطبوعة بحدث مقدس، هو تطويب الأب يعقوب الكبوشي ممّا سيجعلنا نتذكّر دائماً تاريخ انطلاقة جماعتنا بينكم، إذ إنّنا وفي زمن تطويبه، مُنحنا هديّة ولادتنا بينكم، وكلّكم شهود على ذلك، وكلّكم معنيون حتى نسير معاً، وفاءً لأبينا يعقوب الذي يرشدنا الى درب السّماء.
ورد في إحدى كتابات الأب يعقوب التي بلغت تسعة آلاف صفحة، بين رياضات روحيّة وتأملات وعظات رائعة، كلام على "ثلاث طاولات" :
طاولة البيت، أو طاولة العائلة ( التي يصادف عيدها غداً)، وهي التي تجمع أفرادها حولها، وهي رمز للّحمة الأسريّة، نواة المجتمع، ومن هنا تكتسب هذه الطاولة أهميتها الكبرى.
طاولة المدرسة والجامعة، التّي ترمز الى التعليم والثقافة والمعرفة.
طاولة المذبح، التي ترمز الى اجتماعنا بالرّب، وحضوره بيننا.
ويطلب منا الأب يعقوب، ان نعيش حياتنا، مارّين بهذه الطاولات الثلاث، من دون أن نغفعل أيًا منها، لكي لا ُتخِلّ بتوازن الحياة الدّينية والدّنيوية. ودعونا لا نؤجل لقاءنا بالرّب حول طاولة المذبح، لأن التأجيل من عمل الشيطان.
ومن وحي آفة التأجيل المتفشيّة في عصرنا هذا، روى لنا الأب سلوم قصّة كبير الشياطين الذي جمع حوله كلّ الشياطين كباراً وصغاراً، لكي يبتكروا تجارب جديدة يبعدون فيها الإنسان عن ربّه ويزعزعون ايمانه به. فاقترح عليه كلّ واحد منهم اقتراحاً لم يعجبه، حتىّ رفع أحدهم – وهو شيطان صغير – إصبعه فسمح له بالكلام، فأخبره هذا الأخير بخطّته قائلاً :
سندعو الإنسان الى الإيمان بالله الواحد، وبمحبّة الآخر حبّه لنفسه، وبالإحسان الى الفقراء، وبإقامة الذّبائح الإلهية أسبوعياً، وبالصلاة الصّباحية والمسائية، وباستهلال كلّ عمل من أعماله بالصّلاة... فانتفض رئيس الشياطين قائلاً : ولكنّها أمور يُسلّم بها الإنسان ويؤمن بها هي من صميم علاقته الحميمة بربّه، وهذا ما نحاربه كشياطين، فأين الحكمة في ما تقول؟ فأجابه الشيطان الصغير : "أضِف إلى كلّ ذلك كلمة : "غداً"، عندها اتّضحت للجميع خطّة الشيطان الصغير.
فقد اقترح تجريب الإنسان بما يؤمن به، ُيجله يعرفه ويقدّسه، لكن، في آفة التأجيل المقيتة، التي تسيطر على عالمنا اليوم وتبعدنا عن الله، مهما كان حسن نيتنا وقرارنا المعاكس.
فلننبذ التأجيل إذاً، ولنعش لحظتنا مع الله، كما قالت القديسة تريزيا : "حياتي ليست إلا لحظة، وليس لديّ إلا يومي هذا، لأحبّك فيه يا ربّ !"

فلنعش إذاً، نعمة الوقت الحاضر، فلا نؤجل شيئاً للغد، وقد دعانا الأب جوزف في هذا الزمن المبارك، ومع انطلاقة جماعتنا، أن نبدأ بالتفكير بأهمية صلاتنا، وبأهميّة اتحادنا بالله، وبأهميّة محبتنا، وبخاصة في ظروف بلدنا الحالية، فصلاتنا اليوم، مرفوعة على نيّة السّلام في لبنان. كما أنّه لا يمكننا ألا نذكر الكثير من الوجوه الطيّبة الحاضرة معنا اليوم من خلال القربان، وفي صلاتنا اليوميّة، لا المؤجلة منها، بل الفعليّة، وسنصلي من أجلهم، فلا ُنضيّع فرصة نكون فيها، في شراكة مع موتانا الأبطال والقديسين والشهداء الذين يتمتعون بمعاينة وجه الربّ.

وقد قرأت السيدة جانيت مخايل الهبر "رسالتنا..." على الحاضرين وفحواها كيفية نشوء دعوة الجماعة وماهيّتها، كما وقد استهلّتها بعرفان جميل للراهبات الصليب الفاضلات اللًواتي، من موقعهنّ المقدّس في يسوع الملك، الذي قصدَته منذ ثلاث سنوات كرسولة، مصلية، مستشيرة ومشجعة من قِبلهنّ، آمنّ بدعوتها وأضأن لها الدرب حتّى تشقّ درب الرسالة على الأرض. كما إنها نوّهت بالنعمة التي أرادها لها أبونا يعقوب حتى تنطلق رسالة "اذكرني في ملكوتك" من هذا الدير المقدس في زمن تطويبه.
كما تلا القداس لقاء في صالون الدير تبادل فيها الحاضرون نخب المناسبة في جوّ من الفرح والحبور.

ملاحظة: دوّنت العظة من قبلنا بتصرف
27/3/2008 رعية مار يوسف - المطيلب ولادة جديدة، لجماعتنا الرّوحية الفتيّة، ببركة من الآب، وبشفاعة القديس يوسف...
انطلاقة الجماعة بالقداس الشهري الأول لأجل الراقدين على رجاء القيامة
كلمة الأب ميشال عبود الكرملي
عظة الخوري جوزف سلوم - خادم رعية مار فوقا، غادير

شهد يوم 27/3/2008، ولادة جديدة، لجماعتنا الرّوحية الفتيّة، ببركة من الآب، وبشفاعة القديس يوسف، في رعية مار يوسف المطيلب. وقد شارك في الذّبيحة كلّ من الآباء : "جان أبو زيد"، خادم الرعيّة، و"جوزف سلوم" خادم رعية مار فوقا، غادير، و"ميشال عبود" الكرملي.

وقد استُهلّ القداس بمقدّمة، للأب الكرملي ميشال عبّود، ذكّر فيها الحضور، أن واقعاً واحداً يجمعهم، وهو "الموت"، كما يجمعهم الإيمان بالله، والرّجاء بيسوع المسيح. فقد أتينا لنصلّي معاً من أجل الراقدين الذين سبقونا الى مجد القيامة، لأن أجمل هديّة، تُقدّم للموتى، هي صلاتنا من أجلهم، حيث تجتمع كنيسة الأرض، وكنيسة السّماء، فنصلّي نحن هنا على الأرض، ويصلّون هم معنا فوق؛ وترافقنا السّيدة نبيهة يزبك في قدّاسنا، بصوتها الملائكي، ونشترك أنا والأب جوزف سلّوم والأب جان أبو زيد في خدمة هذه الذبيحة الإلهية، متذكرين دائماً أنّنا ولو صلّينا هنا بأجسادنا، فعلى أرواحنا، وأفكارنا أن ترتقي دائماً نحو السّماء.
ثم افتتح القداس بصلاة الجماعة وتتالت مراحل الذّبيحة الإلهية، وسط جوّ من الخشوع والفرح.
أمّا عظة الأب جوزف سلوم فقد كانت كالآتي :
بدأ الأب عظته بشكر الرّب على هذا اللقاء الجميل، وأكّد لنا أن لقاءنا للصّلاة من أجل الموتى، هو لقاء نور وفرح، لا لقاء حزن ودموع.
ثمّ يشكر الأب جان أبو زيد، على إتاحته الفرصة لنا حتّى نكون جزءاً من عائلته الحلوة المحبّة.
بعدها، حيّانا بالتّحيّة المسيحيّة الحقّة : "المسيح قام، حقاً قام"
وبعدما تأكد من أننا جميعاً، نؤمن بأن المسيح مات حقاً، وقام حقاً، وبأننا كلّنا نعرف أنّ الموت حقيقة، عشناها مع فقدان كلّ عزيز أو قريب، أو حبيب في عائلاتنا؛ وصل بنا الى الاعتراف بإيماننا بأن الأموات يسكنون قلب الله، وفي عالمه، وبأن لهم القيامة نفسها التي هي ليسوع المسيح. وبعدما تأكد من إنّنا كلّنا نسير على الطريق السّليم، إذ إننا نؤمن بكلّ ما جاء أعلاه، انطلق في عظته، وقد ارتكزت هذه الأخيرة، حول قصّته ل"يوحنا الذهبي الفمّ"، احد آباء الكنيسة، وقد مات منذ 1600 سنة .
وتدور أحداث القصة، حول شخص يمرّ بضيق شديد، وصعوبات جمّة في حياته، جرّاء قضيّة في المحكمة. فقصد ثلاثة أفراد لطلب المساعدة. فاعتذر منه الأول ورفض المساعدة، ووعده الثاني بها لكنّه خذله عند باب المحكمة، أما الثالث فقد خلّصه من ضيقه.
ثمّ شرح لنا الأب سلّوم معنى المثل. فالشخص الواقع في الضّيق هو الميّت منا، أما الفرد الذّي اعتذر ولم يساعده فهو ممتلكاته الماليّة والمصرفيّة الدّنيويّة.
فالثاني الذّي تأثّر لضيقه، ووعده بالمساعدة، يتمثل بالأقارب والأهل والأصحاب الذين تركوه وحده في القبر بعد إتمام مراسم الدّفن، وعادوا الى بيوتهم، وانقطعوا عنه.
أما أعمال الميت الصالحة وصلوات الجماعة التي يقدمها أهله وأقاربه في قداديسهم تمثل الفرد الثالث الذي خلّصه من هذا الضّيق الشّديد.
وفي ضوء هذه القصة، توقّف الخوري جوزف سلوم عند نواحٍ ثلاث نتأكد من خلالها، أن هناك حياة ثانية، لمن ما زال يشكّ في ذلك، وهي :
ما جرى مع مريم المجدلية عندما جاءت تطلب يسوع في القبر، فلم تجده، فطمأنها يسوع بمناداتها باسمها. فهذه الواقعة تظهر لنا أن يسوع سيبقى معنا، كما بقي معها، من خلال كلمته في الإنجيل، المليء، بشواهد على القيامة.
أمّا تلميذا عمّاوس العائدان، وخطواتهما مثقلة بالألم والحزن لفقدان المسيح، تماماً كحالنا هذه الأيام، فقد أبهجهما حضور يسوع بينهما، ومكوثه عندهما، هكذا، على كلّ منّا دعوة المسيح الحاضر معنا في القربان المقدّس، ليزوره في محنته، حتّى يرى كلّ أمواته في قربانة يتناولها، إذ إنّ روحانيّتنا ترتكز على وجود المسيح في القربان، وحضوره معنا في القدّاس.
أمّا شخصيّة توما المميّزة، فقد أظهر لنا يسوع، من خلالها، جراحه المقدّسة التّي تظهر حقيقة موته وعذابه، كما يظهر لنا أيضاً تجلّي حبّ الله، أكثر من تجلّي الألم من خلال الجرح الذي يضع توما اصبعه فيه، إنما إظهار هذا الجرح هو بمثابة دعوة الناس الى الإيمان.

وقبل انهاء العظة، أبدى الخوري سلّوم إعجابه بجمال كنيسة مار يوسف، التّي عمل عليها ابناء الرّعيّة مع خوريها، والتي زيّنتها الرّسوم الرّائعة الشّبيهة باللّوحات في الكاتدرائيّات العالميّة، ممّا يساعدنا على التأمّل والصّلاة...
فتذكرّ قصّة أحد الرّسامين الإيطاليين، الذي أراد أن يرسم لوحة العشاء السّري، فاحتاج الى شخص، يستوحي منه ملامح "يهوذا" الإسخريوطي. وبعد بحث طويل، وجد في إحدى طرقات روما، سكيراً لا يعي دربه ولا مصيره ولا واقعه، وبعد إقناعه بالذّهاب معه حتّى يرسمه مقابل صندوقي نبيذ، بدأ الرّسام عمله؛ وبعد مرور ثلاث ساعات، وفي منتصف اللّوحة، فوجىء الرّسام بالسّكير يبكي، فسأله عن السّبب فأخبره، أنّه هو نفسه الذّي استدعاه منذ سنتين ليستوحي منه ملامح يسوع المسيح، استدعاه اليوم لأنّه رأى فيه "يهوذا".
وهكذا، فسر لنا الأب، أنّ في كلّ واحد منّا، يكمن يسوع ويهوذا، ومهمتنا في الجماعة، إحياء صورة يسوع لتُضيء فينا، ونصير معاً الى حياة السّماء التي وعدنا بها الرّب.
وأخيراً، شكر الأب سلوم الحضور، وتمنّى أن يكثّف ويكثر في القداس المقبل، كما تمنّى ألا ننسى موتانا، وأن نبشر بالقيامة دائماً. كما ألقت السيدة جانيت مخايل الهبر
" رسالتنا..." وفيها تعريف عن دعوتها وكيفيّة نشوء الجماعة وماهيّتها، وأهدافها. وفي الختام قُدم شعار الجماعة الى الأب جان أبو زيد وتلا القداس لقاء مع أبناء الرعية وسط جوّ من الفرح.

ملاحظة: دوِّنت العظة من قبلنا بتصرف.
20/2/2008 دير سيدة الكرمل - الحازمية في حضرة الرّب يسوع المنتصر على الموت، اجتمعنا على أرض الكرمل وفي قلوبنا لهفة نشر الرّسالة...
انطلاقة الجماعة بالقداس الشهري الأول لأجل الراقدين على رجاء القيامة
عظة الأب ميشال عبود الكرملي

في حضرة الرّب يسوع المنتصر على الموت، اجتمعنا على أرض الكرمل في الحازمية، وفي قلوبنا لهفة نشر الرّسالة، ونصب أعيننا الصلاة من أجل راحة نفوس الرّاقدين على رجاء القيامة.
على أرض الكرمل التقينا، وبين أحضان قدّيسيها أودعنا جماعتنا: "اذكرني في ملكوتك"، مولوداً جديداً، ليتبارك بهيبتهم، ويتقدّس بطهارتهم، ويتنقّى بصفائهم.
في البدء كانت كلمة الخوري "جوزف سلّوم"،خادم رعية مار فوقا - غادير، الذي عرّف عن رسالتنا وأهدافها :
جماعتنا هديّة من السّماء، ومهمّتها تقديم هذه الهديّة-الرّسالة إلى جميع المؤمنين.
نشأت جماعتنا بوحي من الرّب،و كحبّة قمح غرست في رعيّة مار فوقا ونمت، وأثمرت، وها نحن نقطف اليوم من ثمارها أطيبها وأحلاها...
انطلقت تشهد وتؤمن وتترجّى قيامة الرّب، وتقرأ الموت قراءة جديدة، تنقلها لكلّ من وقف وسيقف أمام صليب فقدان حبيب أو شريك، أو رفيق، أو صديق.
أما عمق رسالتنا وروحانيتها، فيتجلّى في قداديس نقدّمها راحة لنفوس المنتقلين عنّا، ونشترك وإياهم في الذبيحة الإلّهيّة، لأن ذروة اتّحادنا بالرّاحلين، يكمن في سرّ الإفخارستيا.
كما أنّنا نسعى لمرافقة المرضى عموما والمشرفين على الموت بخاصّة، مرافقة روحيّة، حقيقيّة، تحضّرهم لملاقاة وجه الرّب، وتساعدهم على أن يبصروا بالقلب، ما عجزت أبصارهم عن رؤيته وهو: درب الألم-العبور للقاء وجه المسيح.
كما أنّنا بنعمة الرّب وهدايته، نقوم بأعمال رحمة، لمساعدة الفقراء واليتامى والمحتاجين، (انجيل لعازر والغني ) .
كما تجمعنا لقاءات مختلفة: من رياضات روحية إلى محاضرات ثقافية إلى سهرات إنجيليّة إلى اجتماعات دينيّة إلى نشاطات ترفيهيّة. وللشباب حصّته في جماعتنا، كونهم فئة حسّاسة في المجتمع، ونسعى بعون الله أن ننمي فيهم ثقافة عميقة وجديدة، حول موضوع غير مطروق، وغير مفهوم بالنّسبة إليهم، ألا وهو: "الموت".
وتعمل جماعتنا، كذلك، جاهدة لتقديم رعويّة صحيحة ومسيحيّة للموت، إذ إنّنا نسعى إلى تغيير ما في الرّعويّة الحاليّة من معالم وثنيةّ لا تليق بنا كمسيحيين، ولا تمثّلنا كمؤمنين بالمسيح رجائنا في الحياة والموت؛ ونحاول كجماعة أن نحوّل حمل صّليب- الغياب إلى حقيقة تعكس مسيحيّتنا، وتظهر امتلاءنا بالرّجاء بالمسيح القائم، والمعزّي.
وختم الأب سلّوم كلمته بتذكيرنا بموقع القول: "اذكرني في ملكوتك"-اسم جماعتنا- الّذي كان إلى جنب المسيح في ساعة الموت الرّهيبة على الصّليب.

أمّا الأب الكرملي"ميشال عبّود"، فقد ألقى عظة محورها "مفهوم الصّليب"، وجوهرها "دعوتنا إلى حمله، والعيش معه"؛ وقد شرح لنا ذلك في رمزيّة حياة "سمعان القيرواني"-حامل صليب المسيح في درب الآلام الطويل- وهو ربّ عائلة، يعمل و"يتعب" لأجلها. وصادف أنّه كان عائداً من يوم عمله المتعب، المنهك، ل"يرتاح" في بيته؛ لكنّه سُخّر لحمل صليب المسيح المضني، المشقي، وكتب اسمه في الإنجيل، وفي التّاريخ...
وطبّق الأب عبّود رمزيّة نظريّته حول موقف سمعان القيرواني في حمل صليب المسيح، على حياة كلٍ منّا اليوم وفي كلّ زمان. فنحن-كما يقول- نعيش حياتنا، ونهندسها، ونحضّرها "لتريحنا"، فنهنأ فيها؛ لكنّ الصّليب- الألم، المصيبة، العاهة، المرض، الإعاقة، الموت، يسلَم إلينا، ونسخَر في حمله طوال حياتنا، فتتغيّر، ونتغيّر...
لكنّ دربنا الأرضيّة لا تلبث أن تنتهي، ونكافأ "في السّماء" بمعاينة وجه المسيح، والتّملّي من إشراقه وبهائه، حيث لا موت، ولا حزن، ولا بكاء، بل فرح، ورجاء، وعزاء...وهكذا، تبقى أرجلنا متجذّرة في الأرض، وروحنا مشدودة إلى السّماء، رجاء بيسوع المسيح: "أبقوا أعينكم مشدودة دائما إلى السّماء، حيث المسيح، ومن سبقونا"، على حدّ قول القديس بولس.
سأل كلّ من الفرّيسي والغنيّ يسوع: "ماذا أفعل لأرث الحياة الأبديّة؟"، فأجابهما يسوع: "من آمن بي وإن مات، فسيحيا"، إجابة تلغي الحدود بين الأرض والسّماء، وبين الموت والحياة، وتشفينا من خوفنا من"الانتهاء"...
ونحن إذ نجتمع اليوم للمرّة الأولى بجماعة: "اذكرني في ملكوتك"- على أمل تكرّر اللّقاء في الأربعاء الثّالث من كل ّشهر- إنّما نجتمع لأنّ رجاءنا بيسوع المسيح أكبر من الحزن، ولأنّ المحبّة أقوى من الموت، ولأنّنا "أولاد القيامة". فالمسيح مات مرّة واحدة، وقام مرّة واحدة، ولكنّه حيّ دائماً، وأبداً؛ على أسس موته وقيامته بنينا إيماننا ومسيحيّتنا، وقلنا معاً: "ونترجّى قيامة الموتى والحياة في الدّهر العتيد"، ونقولها، وسنقولها دوماً...
وأنهى الأب الكرملي عظته بشكر الرّب على نعمتَي: الرّجاء والإيمان، وشكر الحضور على تلبية الدّعوة؛كما شكر الأب جوزف سلّوم والأب دومينيك اللَّذين شاركا في الذّبيحة الإلّهيّة، ووجّه شكرا خاصّا إلى السيّدة "نبيهة يزبك" التي نقلتنا بصوتها الملائكي إلى أفراح السّماء على أنغام العازف المرافق "دوري فرنسيس" المشكور بدوره.كما شكر جماعة: "اذكرني في ملكوتك"، ودعا مؤسِستها السّيدة "جانيت مخايل الهبر"، التي بعدما فقدت شريك حياتها"باسيليوس الهبر" في 4 نيسان 2005، ألهمها الرّب إنشاء الجماعة، هو الّذي يحقّق ما يشاء عبر من يشاء من النّاس الذين يختارهم ليكونوا يديه العاملتين بمشيئته على الأرض.
ثم ألقت السّيّدة جانيت كلمتها بعنوان: "رسالتنا..."، التي تختصر دعوتها وكيفيّة نشوء الجماعة وماهيّتها، ووزّعت الكلمة على الحاضرين في نهاية القدّاس.
وفي الختام، قدّم شعار الجماعة للأب ميشال عبود، وتبادل الحضور نخب المولود الجديد في كنيسة الكرمل الحازميّة، وسط جوّ من الفرح والحبور.

ملاحظة: دُوِّنت العظة من قبلنا بتصرُّف.